تناولت كثيرا موضوع الزلات والكبوات في مجال الإعلام ومنها ما هو بسيط مثل قول مذيع تلفزيوني «نفاصل بعد الواصل» ومنها ما هو جسيم كما حدث في مصر عندما أشارت صحيفة الى الرئيس المصري الراحل أنور السادات وأسمته الرئيس «المدمن» وهي تقصد «المؤمن»، واستحضر اليوم جانبا من تفاصيل نزاع شرس دار قبل بضعة أعوام بين شركة الكمبيوتر والالكترونيات المعروفة «أبِل» وشركة «أبل آي تيونز» التي كانت وقتها مسجلة باسم فرقة البيتلز (الخنافس) الموسيقية الانجليزية والتي لم يبق من مؤسسيها سوى بول مكارتني (طلق زوجته واضطر الى ان يدفع لها 600 مليون دولار.. خلو طرف!!! ولهذا فإن بعض الطلاق مربح ومجزٍ أكثر من الزواج في الغرب، وبما ان الشيء بالشيء يذكر فان الملياردير بيل غيتس بصدد تطليق زوجته ميليندا وسيدفع لها نحو 65 مليار دولار، ويقال إنها تعتزم ان تعرض عليّ الزواج «مسيار» وأملي عظيم في ان أم الجعافر لن تمانع).
كان النزاع بين الطرفين حول «الشعار» الذي هو التفاحة المشهورة، وقرر تلفزيون بي بي سي استضافة خبير في تكنولوجيا المعلومات اسمه غاي كيوني ليتكلم حول هذا الموضوع، وجلس غاي في قاعة الانتظار في مبنى تلفزيون بي بي سي، الى حين بدء البرنامج الذي سيشارك فيه، وبالمصادفة كان في نفس القاعة شخص جعفر عباسي الملامح من الكونغو، كان اسمه الأول أيضا «غاي» واسم عائلته غوما، وكان قد تقدم للعمل كسائق لدى بي بي سي، ودخلت القاعة شابة وقالت بصوت رقيق: كان مستر غاي كم وِذ مي فور ذا إنترفيو؟ هل يتفضل المستر غاي بمرافقتي لإجراء الإنترفيو (المقابلة)! ولم يسمع غاي كيوني خبير الكمبيوتر ما قالته الفتاة، في حين نهض غاي الكونغولي الذي يحلم بالعمل سائقا لدى بي بي سي وتبع الفتاة وانتهى به الأمر جالسا داخل استوديو (شاهدت بنفسي تفاصيل ما حدث كما ان بي بي سي وشبكة سي ان ان بثتا الواقعة كما هي لاحقا) .
وبعد أن تفرشخ الكنغولي داخل الاستوديو، وهو يتعجب لماذا كل هذه الكشافات والأشخاص المحيطين بالمكان وعلى آذانهم السماعات، في حين أن الأمر يتعلق بمدى قدرته على قيادة السيارات ومعرفته بشوارع لندن. المهم، طلبت المذيعة من ضيفها غاي ان يقدم لها نبذة عن طبيعة النزاع بين الشركتين حول شعار التفاحة، فتلعثم بلدياتي غاي الذي لم يفهم العلاقة بين قيادة السيارات وشركتين لم يسمع بهما، أو لماذا يتشاجر طرفان حول تفاحة ليتعرض هو لأسئلة سخيفة حولها، ولما لاحظت المذيعة أن ضيفها «تبكّم» طرحت السؤال بصيغة أخرى ولكن غاي قال لها: آي هاف نو آيدِيا آتوول.. ليست لدي أدنى فكرة على الإطلاق. هنا أحست المذيعة بأن هناك خطأ ما وقطعت بي بي سي الارسال وبعد اكتشاف الخطأ تمت استضافة غاي كيوني وسط ضحكات مجلجلة وتكلم في الموضوع كلام العارف الخبير.
المهم في الحكاية ان غاي الكونغولي صار أشهر شخصية في بريطانيا فقد ظهرت صورته في الصفحات الأولى لجميع صحف بريطانيا وصار أينما ذهب موضع اهتمام الناس وتلقى عروضا من عشرات الشركات الكبرى بالعمل لديها، وفاز بوظيفة كاملة الدسم وصار من محبي التفاح.
تلك كبوة لهيئة كبرى معروفة عالميا ولكننا وكأفراد كثيرا ما نرتكب أخطاء فادحة او مخجلة وشخصيا هناك أشياء أتيتها في حياتي أتمنى لو ان هناك استيكة/محاية تزيل آثارها من ذاكرتي وذاكرات من شهدوها. طبعا لن أحدثكم عنها.. معليش، سأحدثكم عن واحدة فقط، وتتعلق بأنني أحرزت مرة 19 من 100 في امتحان الرياضيات، وبكل عبقرية جعلت درجتي 69 من 100 بإضافة «شرطة/ تحويلة» قصيرة على الرقم (1) في الرقم (19)، وعرف أهلي أنني عبقري في الرياضيات لأنني نسيت تعديل المجموع الكلي للدرجات بما يعكس ال50 درجة التي أضفتها الى درجتي في الرياضيات. بل أن شقيقي الأكبر لم يكن محتاجا الى مراجعة المجموع الكلي ليعرف بأمر التزوير الذي قمت به، إذ ما ان رأى انني احرزت 69 من 100 في الرياضيات حتى صاح متعجبا: دي عملتها كيف؟
صحيفة الشرق