أخبار مُتداولة، أوردتها صحيفة أخبار السودان، تقول بأنّ قوى الحرية والتغيير، تتجه للموافقة على عودة عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السابق في السودان، وقالت إنّ غياب أي مُرشح يحظى بتأييد أغلبية شركاء الإطاري والإعلان السياسي، يدعم حظوظ حمدوك للعودة لرئاسة الوزراء، ونوّهت الصحيفة إلى أنّ حمدوك يجد رفض من قبل القياديان عمر الدقير وياسر عرمان، بينما يُساند حزب الأمة وتجمُع الاتحاديين والمُكوِّن العسكري عودة حمدوك.
يقيني بأنّ لدى حمدوك، صفاتٍ تنأى به عن جُملة السياسيين، في الفترةِ الأخيرة، فطيلة وجوده في مجلس الوزراء، لم يُهاتِر أو يُجاري من حاولوا استفزازه، كما لم يُحاوِل الرد على من ظلّوا ينتقدونه، ويُطلقون في الشائعات ضده، وما أكثرها من شائعات، فلم نسمع يوما، أنّه قد كلّف مكتبه بالرد على ما يُقال، ولم يُكلِّف أحدهم في فتح بلاغ كما فعل البُرهان، ضد الزميلة صباح، فبالرغم من السهام الصدئة التي انتاشوها به، والتي تحملها بصبرٍ شديد، ولنترُك للتاريخ تقييم تجربته، ونحمد له اجتهاده في تعديل الاعوجاج السياسي، وفي فتح الطُرقات المُغلقة من زمانٍ طويل، ناحية الدول العُظمى، كما لن نختلف على أنّ الرجُل صاحب كاريزما تُميّزهُ عن الغير.
فقط علينا الوقوف قليلا، لقراءة المشهدِ السياسي الراهِن، ونبحث عن اجابة شافية لهذا السؤال، هل انتفت الأسباب التي عجّلت من قبل برحيل عبدالله حمدوك من منصبه، ولو افترضنا فرضا، بأنّ البُرهان أطل علينا غدا، في حفل عرس أو ختان في (نهر النيل)، بتصريحٍ مُرفق معه استقالته، يُعلِن قيه بأنّ الجيش أوقف اللعب في الميدان السياسي نهائيا، حسب ما ظلّ يُصرِّح به دائما، دون أي شروط، كما أعلن لنا بأنّ الخلاف بينه وحميدتي، قد انتهى، وفي نفس الوقت، يظهر علينا حميدتي (بعد غيبته) الطويلة في الأمارات، بموافقته غير المشروطة ، على ضم قواتِهِ في القوات المُسلحة، ويُعلِن لنا عن استقالته أيضاً وابتعاده عن العملِ السياسي، بكافة أشكاله.
لو تحققت هذه الأحلام المُستحيلة حقا، هل يعني هذا بأنّ البلاد أصبحت جاهزة للاستقرار.
فلنتحلى اخوتي بالصدق الشديد مع أنفُسنا، ونعترف بأنّ الغُبن الذي زرعه بعضنا في أرضنا، قد نمت شُجيراتِه، بعد سقوها بدماء الأبرياء، فأورقت وأزهرت ثم أثمرت، وانتشرت ثمارها بفعل رياح الخلاف، ولم تترك بُقعة إلاّ وسقطت فيها، واحدثت خلافاً بين أهلها، فقِبَلِ السودان الأربعة اليوم تعُج بالخلافات، أمّا الخُرطوم العاصمة، فإنّها تغلي اليوم غلياناً شديدا، لجلوسها على فوهةِ بُركانٍ الصراع الخطير والقابل للانفجار، وانفجاره يعني فقداننا لكُل شئ، فهل بحثتُم الأن، قبل فوات الأوان، عن عُقلاء بلادنا وهُم كُثر، واجلستموهم على مائدة حلٍ وطني، لاطفاء هذه النيران التي يتعالى دخانها، ولإقصاءِ من ينفخون فيها بعيداً عن المشهد السياسي المُضطرب..
في ظني أنّ حمدوك جاهِز للعودة، (متى) عبدنا له الطريق. وليتنا نفعل.
صحيفة الجريدة