صلاح الدين عووضة يكتب : أحلم!

ولا تيأس..
مهما كان عمرك… ومهما كانت مهنتك..
فهكذا تعلِّمنا أمريكا إلى جانب الحريات… والديمقراطية… وتداول السلطة..
فأمريكا هذه هي بلد الحلم الأمريكي..
ولن تصدق إن علمت أن غالب رؤساء أمريكا كانوا يمتهنون مهناً بسيطة..
فالرئيس ليندون جونسون كان جامع قمامة..
وجيرالد فورد كان غاسل أطباق… ورونالد ريغان كان ممثلاً سينمائياً رديئاً..
وقبل ذلك – أي ريغان هذا – كان عامل بناء..
والرئيس أندرو جونسون كان خياطاً… وكذلك الرئيس ميلارد فيلمور..
والرئيس هربرت هوفر كان يسرح بالصحف..
و الرئيس أوليسس غرانت كان سائساً… والرئيس مارتن فان كان نادلاً..
أما الرئيس ريتشارد نيكسون فكان حطاباً..
وما دام الحديث عن الحلم فنيكسون هذا أخذته غفوة عقب احتسائه كحولاً..
فحلم أنه تخلّص من كوريا الشمالية..
وهو في خاتمة حلمه هذا هاتف وزير الدفاع بشأن التجهيز لضربة نووية..
أي أنه كان – كقول الشاعر – بين اليقظة والأحلام..
قال له: استعدوا لنضرب كوريا هذه بصواريخ ذرية ونخلص منها تماماً..
فأدرك وزير دفاعه أنه ثملٌ… ويحلم..
والرئيس جورج بوش الابن ذهب مرة للاستجمام بمنتجع كامب ديفيد..
ذهب إلى هناك هرباً من زوجته لورا..
وفور وصوله خلد إلى النوم… واستغرق في أحلام سعيدة… بلا منغصات..
ثم استيقظ على صوت جلبة..
فلما فتح عينين شبه مغمضتين أبصر بجواره من أراد أخذ راحة منها..
فهمهم بلسان ثقيل: الحمد لله أنني أحلم..
وفي مناسبة أخرى فرغ من خطاب أمام حشدٍ ولم ينتبه إلى أن المايك مفتوح..
فسمع الجميع غمغمته: والآن سأذهب لبنت الـ……. هذه..
ونسي أن بنت الـ……. هذه – وفي سياق حديثنا عن الحلم – هي مصدر حلمه..
حلمه بأن يصبح رئيساً لأمريكا..
ففي بلد الحلم هذه من حق أي شخص أن يحلم… وقد يتحوّل حلمه إلى واقع..
يحلم حتى بأن يصير رئيساً..
سواء كان زبالاً… أو حطاباً… أو سائساً… أو بائع صحف… أو غسال أطباق..
وسواء كان في ربيع العمر… أو في خريفه..
سواء كنت في الثلاثينات مثل كينيدي… أو في الثمانينات مثل جو بايدن..
وسواء كنت قصيراً مثل جيمس ماديسون..
أو طويلاً مثل إبراهام لنكولن… وقد كان أطول رئيس في تاريخ أمريكا..
وسواء كنت ضئيلاً مثل ماديسون..
أو ضخماً مثل الذي اُضطروا إلى توسعة حوض الاستحمام له؛ وليام تافت..
فأمريكا تعلمنا أن نحلم…
أو كيف نحلم بغدٍ أفضل… بغض النظر عما هو عليه اليوم كل واحدٍ منا..
بغض النظر عن المهنة… أو الشهادة… أو العمر..
وبغض النظر عن الوسيلة التي يمكن أن يتجسد بها هذا الحلم واقعاً معيشاً..
أو الزمان الذي يحتاجه..
فثقافة الحلم الأمريكي هذه سرقت منا شعارات تتمثل في مقولات متفائلة..
مثل مقولة الفأل تحت اللسان..
أو مقولة تفاءلوا خيراً تجدوه… أو مقولة إذا تعلقت نية المرء بالثريا لنالها..
ولكنها للأسف بقيت عندنا محض شعارات..
بينما أبناء العم سام صدّقوها… وطبّقوها… وآمنوا بها… فبادلتهم حباً بحب..
فيا عزيزي القارئ:
أحلم!.

صحيفة الصيحة

Exit mobile version