العائق الأساسي أمام التوافق الوطني في السودان هو التدخلات الخارجية. القوى الرافضة للتوافق لا تعبر بشكل أصيل عن نفسها ولكنها تعبر عن أجندة الخارج. في هذا الصدد، ليس صحيحاً أن الرباعية وفولكر منحازون للمجلس لشلة قحت ولكن الصحيح هو أن شلة قحت هي أداة لتحقيق أهداف دول الرباعية في السودان. إصرار قحت على احتكار السلطة هو تنفيذ للدور المرسوم لها أكثر من كونه رغبة ذاتية في إقصاء الآخرين.
لو كانت قحت تعمل بإرادتها ربما كانت اختارت الخيار العقلاني، و هو خيار التوافق الوطني الشامل. ولكن هذا لا يرضي أسيادها في الخارج.
هؤلاء الأسياد لا تهمهم “الثورة” و “المدنية” إلا بقدر ما تحقق أهدافهم. الهدف الأول كان ولا زال هو إسقاط نظام الإنقاذ وإبعاد الإسلاميين من السلطة ومنع عودتهم بأي شكل، وبالذات عبر الانتخابات. وهذه القوى الخارجية ضد أي إرادة وطنية مستقلة، سواء كانت إسلامية أو شيوعية أو غيرهم. السودان يجب أن يبقى دولة بلا إرادة، ولذلك لا يجب أن يحدث فيه أي توافق سياسي، ولا يجب أن تكون السلطة في أيدي القوى الوطنية؛ يجب أن يحكمه الأتباع العملاء. و هذا هو هدف الاتفاق الإطاري.
هزيمة المشروع الخارجي تبدأ من الجيش؛ بحسم المليشيات وبسط السيطرة على البلد، وتُستكمل بإقامة الانتخابات وتسليم السلطة لمن يختاره الشعب. كل ما سوى ذلك هو مجرد عبث. ما يُسمى بثورة ديسمبر والفترة الانتقالية بدلاً من أن تحرر الإرادة الوطنية وتقود نحو التوافق والوحدة الوطنية فتحت البلد أمام التدخلات الأجنبية والأجندة الخارجية وأضاعت الإرادة الوطنية. هذا العبث كله يجب أن ينتهي.
حليم عباس