استشهاد الزبير .. تفكيك نظرية المؤامرة

نظرية المؤامرة بخصوص طائرة الزبير مليئة بكثير من الثقوب بما يحولها هي نفسها إلى مؤامرة على الحقيقة، وإلى تعبير عن الأماني والرغبات السياسية أكثر من كونها تعبير عن تعاطف حقيقي مع الشهداء، أو محاولة صادقة وأمينة للبحث عن الحقيقة .
فبالمنطق البسيط :
▪️لم يقدِّم متبنو نظرية المؤامرة قصة متماسكة عن الدوافع والأهداف وطريقة التنفيذ، ولم يقدموا الأدلة التي تثبتها، ويبدون على استعداد لتبني أي قصة أو خليطاً من القصص المتضاربة !

▪️ لا يسهل تصور أن يخطط شخص خارج الطائرة لإغتيال شخص، أو عدة أشخاص، على متنها، إلا إذا كانت خطته تقوم على قتل كل من بالطائرة بإسقاطها، إما بالتفخيخ ، أو باستهدافها من الأرض .

▪️ وهذا ما لم يقل به متبنو نظرية المؤامرة في حادثة طائرة الزبير .
▪️ وهذا ما ينفيه جميع الناجين من الطائرة، فلم يتحدث أي منهم عن وجود أي مؤشر على التفخيخ الاستهداف من الأرض .

▪️ وهذا أيضاً ما ينفيه النفي المشدد من السلطات السودانية في ذلك الوقت لبيان المتمردين الجنوبيين الذين أعلنوا مسؤوليتهم عن إسقاط الطائرة .. فلو كانت هناك جهة رسمية أسقطت الطائرة، فمن مصلحتها ألا تنفي بيان المتمردين، وأن تقيم حملة إعلامية ضخمة لإدانتهم، فتغطي بذلك على “جريمتها”، وتتكسب سياسياً .

▪️ وهذا ما يلقي بظلال من الشك على حقيقة دوافع متبني نظرية المؤامرة من خصوم الإنقاذ السياسيين، فلا أذكر أنه كان من بينهم من أدان بيان المتمردين، لأنه يعتبر أن إسقاط الطائرة جريمة، أو حتى أدان كذبهم ولو من باب أنه يشوش على نظرية المؤامرة التي تستهويه !
▪️ ولا يمكن لعاقل أن يفكر في إغتيال شخص، أو عدة أشخاص في طائرة، بإطلاق النار عليه/م إلا إذا كان لا يهمه أن تثبت عليه الجريمة، على الأقل أمام كل الموجودين معه بالطائرة، أو كان يضمن تؤاطؤهم جميعاً معه ! أو كان ينوي قتلهم كلهم وقيادة الطائرة والنجاة بنفسه ! أو كان انتحارياً يريد أن يموت معهم !!

▪️ ويحتاج الأمر إلى رغبة شديدة في إثبات نظرية مؤامرة كيفما اتفق ليتصور المرء صحة السيناريو الفطير الذي يتحدث عن إطلاق نار، تبعته “صدفة” سقوط الطائرة، فإما أن القاتل كان يتوقع حدوث الصدفة، وبالتالي يتوقع موته وموت من معه، وإما إنه لم يكن يتوقعها، وبالتالي فهو قد اختار أسوأ مكان لارتكاب جريمة قتل والنجاة من الإدانة، فهو قد ارتكبها أمام عشرات الشهود وفي مكان محصور !

▪️ و يحتاج الأمر إلى غرض ومرض يعميه عن ركاكة وسذاجة السيناريو الذي يتحدث عن إطلاق نار، تبعه إسقاط ( متعمد ) بواسطة الطيار للتغطية، اللهم إلا إذا كانت التغطية تقوم على ما يمكن أن يتحول لإنتحار جماعي !

▪️ويحتاج الأمر إلى غرض ومرض أكثر ليتصور صحة السيناريو الركيك الأخير الذي أنتجته عبقرية من تريحهم نظرية المؤامرة وينفقون عليها كل مصداقيتهم وأمانتهم، أعني سيناريو حدوث إطلاق نار بعد سقوط الطائرة، وهو السيناريو الذي يفترض وجود مجرم داخل الطائرة لم يكن يخطط مسبقاً للقتل في هذه الرحلة، لكن كانت لديه رغبة دفينة في القتل، ورأى في سقوط الطائرة فرصته التي لا يمكنه تفويتها، وقرر أن ينشغل – دون باقي الباحثين عن النجاة – بتعمير سلاحه، وقتل أحدهم ثم التفكير بعد ذلك في موضوع نجاته شخصياً !!!

إبراهيم عثمان

Exit mobile version