الخرطوم- كشفت مصادر في الخرطوم للجزيرة نت يوم الثلاثاء عن أن رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان يعتزم حل مجلس السيادة خلال أيام وتشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسته، على أن يستمر في مهامه السيادية إلى حين التوافق على المستوى السيادي الجديد واختيار رئيس للوزراء.
وقالت المصادر القريبة من القصر الرئاسي إن البرهان شرع في ترتيبات المرحلة الجديدة التي تعقب مغادرة المكون العسكري السلطة وتسليمها إلى حكومة مدنية تدير البلاد خلال مرحلة انتقالية جديدة تستمر عامين إلى حين إجراء انتخابات عامة في البلاد، حسب ما ورد في الاتفاق الإطاري الذي وقّعه العسكريون في ديسمبر/كانون الأول الماضي مع تنظيمات تحالف قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي.
وذكرت المصادر أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيضم القيادات العسكرية في الجيش والمدير العام للشرطة والمدير العام لجهاز المخابرات العامة وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مشيرة إلى أن نائب رئيس المجلس سيكون رئيس أركان الجيش، وفي حال غياب رئيس الأركان سيخلفه عضو مجلس السيادة شمس الدين كباشي بحكم فترة الخبرة التي أمضاها في الخدمة العسكرية.
وأضافت المصادر ذاتها أنه لم يتم حسم المستوى السيادي الجديد الذي سيتم التوافق عليه في الاتفاق النهائي للقوى السياسية، منوهة إلى أن الراجح هو التوافق على جسم سيادي محدود أو رأس دولة من الشخصيات المدنية، لكن المشكلة في اتفاق سلام جوبا الذي منح الحركات المسلحة 3 مقاعد في مجلس السيادة ولم يعدل الاتفاق في الورشة الأخيرة لمراجعة الاتفاق.
غير أن معلومات أخرى حصلت عليها الجزيرة نت ذكرت أن تفكير البرهان في استعجال تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل تشكيل الحكومة المدنية -كما وعد في يوليو/تموز الماضي عندما أعلن انسحاب القوات المسلحة من العملية السياسية- يستهدف تقليص نفوذ حميدتي الذي يستخدم منصبه السيادي والدستوري في تحركاته الداخلية والخارجية بوصفه الرجل الثاني في الدولة.
وكشفت المعلومات عن أن الأسبوعين الأخيرين شهدا تصاعدا في الخلاف المكتوم بين الرجلين قبل بروزه إلى السطح خلال الأيام الماضية، ورافقت ذلك إجراءات بحق حميدتي؛ شملت وقف التقارير الأمنية والدبلوماسية والجنائية التي كان يتلقاها بصورة روتينية، وسحب ملف السلام من مسؤولياته ليتولاها البرهان بنفسه الذي شارك في توقيع النسخة المحدثة من اتفاق السلام مع الحركات المسلحة في جوبا الأحد الماضي، ووقع كباشي نيابة عن الحكومة بدلا عن حميدتي الذي وقع النسخة الأولى مع الحركات في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وأفادت المصادر بأن دولة الإمارات سعت إلى احتواء الخلاف بين البرهان وحميدتي، إذ زار الأول أبو ظبي الثلاثاء الماضي وأجرى مشاورات مع رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد، وبدأ الثاني زيارة غير معلنة إلى العاصمة الإماراتية منذ مساء الأحد الماضي.
وأقر عضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا بوجود خلاف بين قيادتي الجيش والدعم السريع وليس بين القوتين، مؤكدا أنه لن يحدث صدام بينهما، وقال -في حديث بثه تلفزيون السودان الرسمي مساء الأحد الماضي- “أطمئن الشعب السوداني بأنه لن يحدث أي صدام بين القوات المسلحة والدعم السريع”.
وقال العطا إن الخلاف بين البرهان وحميدتي سببه اختلاف في الرؤي السياسية، حيث ترى قيادة الدعم السريع تشكيل الحكومة بأي قوى محدودة، لكن الجيش يتمسك بحكومة ذات قاعدة عريضة وتوافق وطني واسع؛ لأن تشكيل حكومة ضعيفة وهشة ستكون مهددا للأمن القومي، واتهم قيادة الدعم السريع بالتردد في دمج قواتها في الجيش.
وكان البرهان قال -أمام حشد جماهيري في منطقة الزاكياب بولاية نهر النيل الأسبوع الماضي- إن قيادة القوات المسلحة دعمت الاتفاق الإطاري عن قناعة لأنه يعالج مشاكل السودان، لكنه اشترط للمضي قدما في الاتفاق دمج قوات الدعم السريع في الجيش، قائلا “قبلناه لأن فيه بندا مهما جدا يهمنا كعسكريين، وهو دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة، هذا هو الفيصل بيننا وبين الحل الجاري الآن”.
وفي المقابل، حذر حميدتي الأحد الماضي عناصر نظام الرئيس المعزول عمر البشير من محاولات الوقيعة بين قواته والجيش، مؤكدا التزامه بما ورد في الاتفاق الإطاري بخصوص مبدأ الجيش الواحد ودمج قواته في القوات المسلحة وفق جداول زمنية يتفق عليها.
المصدر : الجزيرة