صدق القطري الشيخ عبد الرحمن آل محمود، رئيس مجلس أمناء منظمة الدعوة الاسلامية ورئيس مجلس ادارتها، عندما وصف أعضاء المجلس بأنهم (مؤتمر وطني)، وجاء وصفه هذا إثر خلاف تفجر بينه وأعضاء مجلس ادارة المنظمة التي أعادها انقلاب البرهان للعمل، ويبدو ان وصف الشيخ القطري لهم بأنهم (مؤتمر وطني)، ناتج من حقيقة أن كل مؤتمر وطني هو (كوز) بالضرورة، بهذا يبقى التوصيف الصحيح هو أنهم (كيزان)..
ولا يعنينا هنا سبب الخلاف وانما حقيقة ان هذه المنظمة ليست وكر ل(الكيزان) سرحوا ومرحوا فيه وباضوا وأفرخوا، وتلك حقيقة صدع بها بعض كبار الكيزان، ربما على طريقة اذا اختلف اللصان ظهر المسروق، أو ربما في لحظة صحوة ضمير، هذا اضافة الى الكثير جدا من الشواهد والدلائل التي تضيق عنها هذه المساحة المحدودة، ولكن لا بأس من ايراد بعضها على سبيل المثال..
ليس هناك شهادة على ارتباط المنظمة بالكيزان، أهم من شهادة شاهد من أهلهم بل هو زعيمهم وكبيرهم وعرابهم المرحوم دكتور الترابي، ففي شهادة موثقة ومسجلة اعترف الترابي بعلاقة المنظمة ليس فقط بتنظيم الاخوان المسلمين في السودان، بل وبالتنظيم العالمي للاخوان، وبطبيعة الحال وبالضرورة ارتباطها بقادة انقلاب الانقاذ وقيادات حاضنته الكيزانية، وقد كانوا يعولون كثيرا على المنظمة لكونها احد اكبر الداعمين لهم، وبالمقابل عملوا على تمكينها، فأصدروا ما أسموه قانون منظمة الدعوة الاسلامية، وجمعوا للمنظمة في ذلك القانون حشدا مهولا من الامتيازات والسلطات والصلاحيات التي جعلتها فوق القانون بل وفوق الدولة نفسها (القانون متاح ومبذول لمن أراد الوقوف على تفاصيله)، ومكافأة للتنظيم على هذا الكرم الفياض، نشطت المنظمة في تمويل انشطة التنظيم، فانداحوا اندياحا في إقامة الشركات التجارية والبنوك وشركات الاستثمار والتأمين الإسلامية وتوفير التمويل لعناصرهم لينشطوا تجارياً في كل المجالات..ومن الشواهد الثابتة التي لا سبيل لانكارها، ولكنهم سينكرونها على طريقة انكارهم للانقلاب
البيان الاول لما يعرف بثورة الانقاذ فقد تم تسجيله بصوت وصورة الرئيس المعزول(العميد وقتها) عمر البشير من داخل مباني المنظمة وفي استديو يخصها، وثبت أن الشريط الذي تم تسجيل البيان الأول عليه، تملكه ثلاث جهات فقط في السودان، هي تلفزيون السودان، وهو جهة رسمية وقومية، ومعتمدية العاصمة القومية وهي جهة رسمية، أما الثالثة فهي منظمة الدعوة الاسلامية، ولم يكن الجيش يمتلك مثل الكاميرات التي تستخدم نوع هذه الاشرطة، هذا علاوة على ان ضرورات التأمين والسرية تفرض خيار منظمة الدعوة الاسلامية (كاتم الاسرار)، خاصة ان الشريط تم حفظه لمدة شهر قبل اذاعته رسميا بعد نجاح الانقلاب، وكل هذا طبعا اضافة الى الشهادات الموثقة.. ومن الشواهد كذلك ان أول عملية تغيير للعملة تمت بعد الانقلاب، كانت في العام 1992 حيث اصدروا عملة الدينار ليتم تداولها بجانب الجنيه ، ولما كانت هذه العملية احيطت بسرية تامة قبل اعلانها رسميا، لهذا عمدوا لتخزينها في وكرهم الآمن (المنظمة)، حتى اضطروا لكسر احد الحوائط لادخال الشاحنات التي تحمل العملة الجديدة..
صحيفة الجريدة