الطاهر ساتي يكتب: حتى لو دمج ..!!

:: بغض النظر عن موقفه العابر من (الاتفاق الإطاري)، فإن خطاب نائب رئيس السيادي محمد حمدان دقلو بالأمس كان أكثر وعياً ونضجاً من خطاب رئيس السيادي عبد الفتاح البرهان بالكتياب يوم الخميس الفائت.. ثم الجدير بالانتباه أن نائب الرئيس أصبح يُحسن اختيار أمكنة ومناسبات خطاباته، بيد أن خطابات الرئيس لا تزال تُلقى – بارتجالية – في بيوت الأعراس أو مراسم العزاء، وكأنه ناظر قبيلة وليس رئيس دولة ..!!

:: بعد الثورة كنا نأمل في تغيير كل أوجه الحياة العامة، بما فيها اتباع المؤسسية (قولاً وفعلاً).. ولكن المؤسف، من أوجه الشبه بين البرهان والبشير هو أن البشير أيضاً كان يطلق الأقوال والأفعال على الهواء مُباشرةً بطريقة: (يا عوض اقفل البلف)، عندما يهتفوا له: (سير سير يا بشير)، وهكذا يفعل البرهان حالياً غير مُبالٍ بمؤسسية الدولة التي يجب أن تكون هي الصانعة للأقوال والأفعال، وليست عواطف الهتيفة ومشاعرهم..!!

:: والمهم، بغض النظر عن موقفه العابر من الإطاري، فإن خطاب حميدتي كان متزناً، بحيث تحدث عن قضية الساعة بمسؤولية نصها: (نشأ الدعم السريع كمساند ومساعد للقوات المسلحة، وينص قانونه على أنه جزء منها، جمعتنا مع القوات المسلحة خنادق القتال حماية للوطن وأمنه، ولنا معها عهود لن نخونها أبداً).. ولا يُمكن أن نقارن هذا الخطاب المسؤول بأي تهريج لا تجني منه البلاد غير الاحتقان، ومن الخطأ مناقشة القضايا العسكرية خارج (غُرف الدولة) ..!!

:: وقد أحسن حميدتي قولاً: (لن نسمح لعناصر النظام البائد بالوقيعة بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع، ولن يستطيعوا بلوغ ذلك أبداً).. ولكن ليس فقط عناصر النظام البائد هي الساعية للوقيعة، بل بعض النشطاء أيضاً، وفيهم من يحيط به كإحاطة السوار بالمعصم.. وبما أن سيادته يعرف الفلول بحكم عقود المرافقة، فإنه يستطيع تجنب أشرارهم، ولكنه لا يعرف من يتملقونه اليوم بزعم أنهم رفقاء النضال، فليحذرهم حتى يعرف أخيارهم من (عرمانهم)..!!

:: وكما كتبت بالأمس، فالنائب ليس ضد دمج الدعم السريع في الجيش، وأكد في خطابه: (إننا في قوات الدعم السريع ملتزمين بما ورد في الاتفاق الإطاري بخصوص مبدأ الجيش الواحد وفق جداول زمنية يتفق عليها).. وإن كان الأمر كذلك، تصبح الأسئلة للبرهان وحميدتي: إلاما الخلف بينكما إلاما؟، وهذي الضجة الكبرى علاما؟، وفيم يكيد بعضكما لبعض؟، وتبدون العداوة والخصاما؟.. مع الاعتذار لأمير الشعراء شوقي ..!!

:: وكما ذكرت سابقاً فإن موقف حميدتي من الإطاري ليس استراتيجياً، كما يظن البعض ويتوهم النشطاء، بل هو موقف عابر، ولأسباب مسؤول عنها البرهان.. حميدتي، كما ذكر في خطاب الأسبوع الماضي، لم يشارك في إعداد الاتفاق، بل عاد من الفاشر ووجدهم يوقعون عليه، فوقع معهم.. وكما اكتشف خطأ مشاركته في (انقلاب 25 أكتوبر)، كما أسماه واعتذر عنه، سيكتشف أيضاً خطأ توقيعه على الإطاري، ثم يعتذر عنه، أي كما يفعل البرهان حالياً (تلميحاً) ..!!

:: كلاهما يعرف أن الطريق إلى الاستقرار السياسي يمر بمعيارين عادلين لا ثالث لهما، بحيث يكون أحدهما معيار اختيار القوى الموقعة على الإعلان السياسي الجديد.. إما أن يكون المعيار هو قوى الثورة والتغيير فقط، أو كل القوى ما عدا المؤتمر الوطني، وليس هناك أي معيار آخر حتى لو دمج عرمان نشطاء المجلس المركزي في الدعم السريع ..!!

صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version