عندما يكون المتهم (الأب) تقيد الجريمة ضد مجهول

(1)

نحن في الاعلام لا نستطيع ان نصدر احكاماً او نوجه اتهامات من خلال البيانات المطروحة، وعلينا ان نبني (الادانة) او (البراءة) من منطلق (تحليلات) شخصية، حتى لا نقود الرأي العام في اتجاه قد لا يكون صحيحاً، ونساعد بذلك في صدور حكم ان لم تصدره المحكمة اصدره المجتمع بالبراءة او الادانة، ونحن لسنا جهة اختصاص.
لكن مع ذلك الجرائم التى تهز المجتمع وتصبح قضية رأي عام لا نستطيع ان نتجاوزها حيث نحصر تعليقنا على ما صدر من احكام وما ظهر للناس والرأي العام.
في السنوات الاخيرة ظهرت بالمجتمع السوداني (جرائم) نفذت بشكل فظيع وكان التخطيط والذكاء فيها كبيراً ، لأن الشرطة لم تصل فيها الى الجاني وقيد اغلبها (ضد مجهول) وأسدل الستار عنها قبل ان يتم الكشف عن الجهة التى ارتكبت الجرائم.
معظم هذه الجرائم الغامضة حدثت في محيط (الاسرة) ، وكان المتهم فيها (الاب) دون ان تثبت عليه الجريمة والإدانة ويصدر عليه الحكم.
البيت السوداني اصبح مسرحاً للكثير من الجرائم (المريبة) و (الغامضة) وهذا ليس حكماً مطلقاً على كل البيوت، لكن عندما تحدث مثل هذه الجرائم (الاسرية) في فترة وجيزة، يبقى الحذر واجب، وعلى الدولة ان تبحث عن الاسباب وتوفر الوقاية وتعيد الطمأنينة للبيت السوداني وللأسرة السودانية التى تتميز بالألفة والمودة والمحبة.
(2)

في يناير الماضي وبعد اكثر من (6) سنوات من وقوع الجريمة (برأت محكمة الامتداد شرق برئاسة قاضي المحكمة العامة الحسن النوش زوج القتيلة أديبة فاروق واربعة اخرين، وامرت المحكمة باطلاق سراحهم فوراً ما لم يكونوا مطلوبين على ذمة قضية اخرى، وذلك لعدم كفاية الادلة الاتهامية في مواجهتهم بمقتل اديبة فاروق. وقال القاضي بان اقوال اولياء الدم (آمنة، عمر) ابناء القتيلة كانت اقوالهما بينة ظرفية، مضيفاً بان الاتهام لم يقدم ادلة كافية في مواجهة المتهمين ترقى لإدانتهم بتهمة القتل العمد. ولذلك شطبت الدعوى الجنائية في مواجهة زوج القتيلة الامام عبدالباقي النعمة وشقيقه عبدالله و3 اخرين. ويذكر بان زوج القتيلة واقاربه كانوا المتهمين الاوائل بالقضية التي هزت الخرطوم كونها دخيلة على المجتمع السوداني. وقالت الشرطة السودانية وقتها، إن تشريح جثة فقيدة أبو آدم، أديبة فاروق، اثبت تعرضها لعنف وأذى جسيم تسبب في وفاتها. وفي بيان للشرطة، أن الراحلة التي عثر على جثمانها في النيل تعرضت لعنف واذى جسيم تسبب في وفاتها، الامر الذي يثبت أن وفاتها كانت اثر عمل جنائي).
القضية رغم فظاعتها قيدت ضد مجهول والسلطات عجزت من الوصول للجاني.
(3)

في نوفمبر الماضي كشفت شرطة ولاية الخرطوم معلومات حول التحريات الأولية بشأن مقتل 3 أفراد من أسرة واحدة (أم، وابنيها) بحي بُري امتداد ناصر شرقي الخرطوم وأن وفاتهم جاءت نتيجة الإصابة بطلق ناري في الرأس، واوضحت الشرطة بأنها قد تلقت البلاغ عند السـ11ـاعة مساءً من يوم الجمعة 25 نوفمبر 2022 أبلغ المدعو /(أ م أ) و. ع نظامي يفيد أنه أثناء تواجده أمام منزله سمع صوت صراخ واستنجاد من جاره المدعو/ حاتم عباس.
القضية ما زالت غامضة وهي قيد التحري ولا تعليق لنا احتراماً للقضاء، وقد تم الافراج عن (الاب) المتهم في القضية عن طريق الكفالة.
(4)

في فبراير الحالي اهتزت مدينة كسلا من جراء حادثة مصرع رجل وزوجته و 3 من ابنائهما بطريقة بشعة وسط انباء متضاربة عن الدوافع وراء ارتكاب الجريمة حيث تم العثور على رجل (32) عاماً مشنوقاً وبجانبه زوجته (30) عاماً وأبناؤه الثلاثة الذين تتراوح اعمارهم بين 8 اعوام و 3 اعوام جثثاً هامدة داخل منزلهم بحي العرب مربع 14 غرب مدينة كسلا.
(5)

هذه الجرائم تأثيرها وأضرارها ينعكس على المجتمع السوداني كله .. وهي توشك ان تصبح (ظاهرة) وهذا ما يفرض على الدولة من التدخل لمعالجة هذه الظاهرة والبحث عن اسبابها.
مثل هذه الجرائم (الوقاية) منها هي الاهم .. ابحثوا عن طرق للوقاية من مثل هذه الجرائم والتى يكون ضحاياها دائماً (اطفال) لا ذنب لهم .. ويكون المتهم دائماً (الاب).
تقييد هذه الجرائم (ضد مجهول) هو تشجيع على حدوث المزيد من هذه الجرائم.
نحتاج في السودان ان نرفع من مقدرات الشرطة ومن اجهزة البحث والوقاية حتى نوقف تلك الشروخ التى تضرب المجتمع السوداني الذي مازال بخير .. وهو الافضل مقارنة مع دول الجوار.
(6)

بغم
عندما يكون المتهم هو (الاب) او الجاني ـ يكون في كثير من الجرائم هو نفسه (الضحية).. وليس الاطفال المجني عليهم ..لأن الاب يمكن ان يكون ضحية لعوامل نفسية تدفعه لقتل اطفاله… الاب هنا يرثى عليه.
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version