مر علينا أمس يوم الرابع عشر من فبراير، وهو اليوم الذي درج العالم على الاحتفال فيه بما يسمى عيد الحب أو (الفالنتاين دي)،وبالمثل درج بعض الشباب السوداني من الجنسين على الاحتفال بعيد الحب، وكان ومازال هؤلاء الشباب قبل حلول يوم الحب الموعود، ينشطون في الاعداد له بتجهيز الملابس الحمراء فاقعة الحمرة أو من تدرجات اللون الأحمر المختلفة لارتدائها خصيصا في هذا اليوم، وارتياد محلات بيع الهدايا لاقتناء الورود والأزاهير الحمراء وبطاقات المعايدة وخاصة تلك المرسومة عليها قلوب تعبيرا عن الحب والهيام والوله، وربما يحرص بعضهم على اهداء الدباديب والشيكولاتة وأشياء أخرى يعلمونها ولا نعلمها، وعند حلول المساء ينطلقون الى الحدائق والمتنزهات وشارعي (المطار والنيل) وبعضهم الى المطاعم الفاخرة، يتناجون ويتبادلون كلمات الغرام ويطلقون آهات الوجد واللوعة وربما (حركات أخرى غير حميدة)، وفي مقابل هؤلاء الشباب وعلى النقيض منهم في الضفة الأخرى، ينشط أيضا الائمة والدعاة في التحذير من الاحتفال بعيد الحب، على اعتبار أنه تقليد أعمى لـ (الكفار والنصارى)، وبدعة سيئة وعادة دخيلة على المجتمع السوداني، لا تناسب قيمه وموروثاته بل يخالف الدين ويعارض أصول السنة والجماعة، وغالبا ما يتجاهل هؤلاء الشباب المولهون هذه التحذيرات ويسدرون في غيهم الى منتهاه، وغير تحذيرات الائمة والدعاة هناك الكثيرين جدا يرون في هذا الاحتفال (مياصة) وتقليدا أعمى واستلابا ثقافيا ينبغي نبذه، وكانوا اذا سمعوا أحدا يعلن عن نيته في الاحتفال بعيد الحب، يسارعون لشتمه بعبارة الأمهات والجدات الشهيرة التي تقال في مثل هذا الحال (حبك برص وسبعة خرس)..
وكان المحتفلون السودانيون بفالنتاين هذا العام قد بدأوا استعداداتهم مبكرا، حيث استقدمت احدى الجهات فنانا سوريا وصل بالفعل الى الخرطوم لاحياء حفل خاص بالمناسبة، ومن الاقبال الكبير على هذا الحفل نفدت تذاكره قبل بدئه بأيام، رغم اسعارها الفلكية مقارنة بحفلات يحييها فنانون سودانيون كبار، فيما شن آخرون في مواقع التواصل الاجتماعي هجوما عنيفا على الفنان السوري، واستنكروا عليه اقامته حفل الفالنتاين متزامنا مع الحزن الذي يغطي العالم والعرب إثر زلزال تركيا وسوريا، وفي وقت ما يزال فيه بعض أبناء وطنه تحت الأنقاض بعد الزلزال الذي ضرب الاراضي السورية..مالنا نحن وعيد الفالنتاين الذي تقول عنه احدى اشهر الروايات، انه فى القرن الثالث بعد ميلاد المسيح، كان الدين النصراني في بداية نشأته، حينها كان يحكم الإمبراطورية الرومانية امبراطور يدعى كلايديس الثاني، وكان كلايديس هذا قد حرم الزواج على الجنود باعتقاد أن الزواج سيشغلهم عن خوض الحروب، لكن تصدى له قسيس يسمى فالنتاين، لم يخضع لقرار الامبراطور وكان يبرم عقود الزواج سرا، وعندما افتضح أمره نفذ فيه حكم الاعدام في التاريخ الذي أضحى اليوم عيدا للحب أو (الفالنتاين دي نسبة لهذا القسيس) وفاء لذكراه..لسنا بالتأكيد ضد الحب بل من غلاة الداعين له وللتسامح والتصافي والتصالح ولكن ليس على هذه الطريقة الفجة الضحلة المستلبة..
صحيفة الجريدة