بخاري بشير يكتب: المالية.. مزيد من السيطرة!

صارت سيرة وزارة المالية في عهد الدكتور جبريل ابراهيم على كل لسان؛ وأصبحت (الشغل الشاغل) للمواطن السوداني سواء أكان هذا المواطن (منتج أو مستهلك).. فالانشغال بقضايا الاقتصاد صار من الهموم الكبيرة في عهدنا الحالي.. (المستهلك) ينظر لوجه المالية في أسعار المستلزمات الضرورية؛ وأسعار الخدمات المختلفة؛ والصعوبات والمعاناة التي يعانيها في كل يوم وليلة.. أما (المنتج) فقد أصبح كثير الخوف من (الجبايات والمكوس) بمختلف مسمياتها؛ حتى صارت العبارة الأشهر أن المالية كلما عجزت عن التزاماتها نظرت الى (جيب المواطن).

واجهت وزارة المالية كل هذا السيل الجارف من الانتقاد؛ ووزيرها جلس على كرسيه تنفيذاً لاستحقاقات اتفاق جوبا للسلام؛ وكثيرون قبل تولي الرجل لمنصبه كانوا له من الناصحين بالابتعاد؛ وكرسي المالية حرق كل من جلس عليه؛ بسبب أن تحديات السودان كبيرة؛ والمالية من أول المواجهين بهذه التحديات؛ تليها بعد ذلك وزارات القطاع الاقتصادي المختلفة.

وصل الحال بالمالية أنها أصبحت تواجه بسيول (الاضرابات) عن العمل في سلك الخدمة العامة وكل هذه الاضرابات ذات صلة بتحسين شروط الخدمة والأجور؛ واجهت المالية ذلك من العاملين بالكهرباء ومن الأطباء ومن المعلمين؛ لكل ما سبق أصبح مقعد المالية محكوماً بمعادلات (قاسية)؛ وأي سياسات مالية غير مدروسة اقتصادياً من خبراء التخطيط الاقتصادي بالوزارة؛ تقذف بالبلاد أميالاً في عمق الأزمة.. وتعلمون جميعاً التأخير الذي حدث في صرف استحقاقات العاملين بعد التصديق والتخويل بالصرف مباشرة في الموازنة الجديدة؛ وهي الخطوة التي يصفها علماء الاقتصاد بلحظة (الانهيار).

من ضمن السياسات المالية والخطوات التي تسعى لها المالية هي سعيها لتعديل قوانين الولاية على المال العام؛ وقد طالعنا بالصحف انتقادات علماء وخبراء الاقتصاد لهذه التعديلات؛ خاصة ما يلي موضوع ديوان المراجعة العامة.. وقال هؤلاء العلماء إنه من الخطأ ان يتبع ديوان المراجعة العامة للمالية؛ وبديهي أن تكون المالية خاضعة لسلطة الديوان.. الذي تقع على عاتقه مسؤولية حماية المال العام.. والمالية الوزارة هي الرافعة الأولى والرئيسة في أوجه صرف المال العام؛ ومن باب أولى أن تخضع لسلطة الديوان لا العكس.

الخبير الاقتصادي إبراهيم الطاهر قال في تصريحات صحفية: “ان ديوان المراجعة العامة (جهاز سيادي) ينبغي أن يتمتع بكامل (الاستقلالية) عن المالية وهو ليس وحدة مثل وحدات الوزارة الأخرى”.

محتوى مدفوع

أحب (الحكومة) وأموت فى (الرئيس) !

في اعتقادي أن التخبط الماثل اليوم؛ والذي بانت آثاره الكارثية في حجم الأزمات المتعددة سببه الأساسي السياسات والقوانين المالية التي تحكم الاقتصاد؛ والغياب الكامل للأخذ بآراء الخبراء والعلماء الذين لم يتوقفوا مطلقاً عن ابداء النصح.. وفي ظني أن الكارثة الأكبر قادمة عندما تجاز التعديلات المتوقعة وتتم تبعية ديوان المراجعة للمالية.. يجب أن لا يكون غياب الأجهزة التشريعية محفزاً للسلطات القائمة لتشرّع وتعدّل وتضيف للقوانين كيفما رأت.. والمطلوب العودة لأصحاب الرأي والتجربة.. لكي لا تصبح المالية هي (المسيطر) الأول على المال العام؛ صحيح للوزارة حق الولاية على المال العام؛ لكن يجب عليها كوزارة أن تخضع لسلطات ديوان المراجعة.

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version