حيدر المكاشفي يكتب: محلج عُشر واستثمارات المتعافي!!

أثار خطاب مفوض الاستثمار بولاية سنار، الذي بعثه لوزير البنى التحتية بالولاية، يطلب فيه تخصيص موقع مناسب لإقامة محلج أقطان يخص عبدالعزيز النور عُشر، الأخ غير الشقيق لوزير المالية الانقلابي، جبريل إبراهيم، أثار موجة عارمة من السخط والاستهجان باعتبارها عملية محاباة واستغلال للسلطة والنفوذ، إمّا باستغلال النفوذ الاصيل للوزير جبريل، أو بالنفوذ المكتسب (على غرار الحقوق المجاورة)، نتيجة لقرابة الدم والعلاقة التنظيمية (حركة العدل والمساواة) التي تجمع الوزير بأخيه صاحب المحلج، ومن الانتقادات الوجيهة المصوبة ل(عملية المحلج)، هي لماذا محلج وبولاية وسطية وليس أي مشروع آخر بدارفور المهمشة تنمويا بادعاء جبريل وأخيه، في مفارقة صريحة لخطاب التهميش وانعدام التنمية، والتوزيع غير العادل لمشاريع التنمية، الذي لا تفتأ حركات دارفور ترفعه مثل قميص عثمان، وفي تغريدة له على (تويتر)، حاول الوزير جبريل تبرئة نفسه ونفى أي علاقة له بـ(عملية المحلج)، اذ قال(ما علاقة جبريل إبراهيم بوزارة المالية بولاية سنار)..

وتعيد عملية محلج عُشر للذاكرة، حكاية استثمارات المتنفذ في النظام البائد المتعافي..المتعافي كان قد قال في برنامج حواري متلفز، ردا على سؤال حول عمله التجاري والاستثماري، (أنا ما كيشه وزول مفتح كويس ومسجل حاجاتي باسم أخواني وبعرف الحلال والحرام كويس)، ومما أضافه أيضا (ليست هناك رخص تجارية باسمي ولكني مساهم مع إخوتي في مجموعة أستثمارات وأراقب من بعيد) أو كما قال (مسجل حاجاتو باسم أخوانو)، ويبدو ان المتعافي حتى لا يقع في المحظور، انتصح بالنصيحة التي تقول (أعمل حسابك، اليومين ديل البمد صباعو بيجرو من ضراعو، والبعاين بعينينو بيجرو من اضنينو)، وهي نصيحة من داقس (ضاق الويل وعذاب الليل)، فهناك اذن فاسدون (حويطون) وحرفاء وليسوا (كيشة وداقسين) على قول المتعافي، يمارسون الفساد من الباطن وعن طريق (لفة الكلاكلة) كما يقول الحبيب د. مرتضى الغالي، بينما هناك (فارات) وغشماء غير حرفاء لا يجيدون مداراة فسادهم فيسهل اكتشافهم، وهناك كذلك ما شاع ابان العهد البائد، وهو ما يمكن وصفه بالسلطات المجاورة في مجالات العمل التنفيذي، يتمتع بها ذوو قربى من يتسنمون وظائف سيادية من وزراء وخلافهم، فيكتسب مثلا ابن أو أخ الوزير بعض سلطات ومزايا وامتيازات أبيه أو اخيه، وكذا الحال بالنسبة لزوجة الوزير وغيرهما من ذوي القربى من الدرجة الأولى بل وربما حتى الجيرة، ومن ذلك مثلا ما كنا نسمعه ونشهده على أيام هوشة وهوجة التمكين، حين كان شيخ الترابي هو الكل في الكل و(سيد الزبدة)، كان بعض القريبين منه أو من ذوي قرباه، إذا رغبوا في شيء ذهبوا للمسؤول عنه وخاطبوه آمرين من وراء ظهر الشيخ ودون علمه قائلين (الشيخ قال كذا وكذا)، فيلبي طلبهم قبل أن يرتد إليهم طرفهم، ومثل هذا الذي كان يفعله محظيو الشيخ، كان يأتيه محظيو كبار قادة النظام البائد وأقرباؤهم والقريبون منهم، مع تغيير طفيف يستبدل لقب (الشيخ) بـ(سعادتو)، وعبارة (قال) بـ(أمر أو وجه بكيت وكيت)..أما لماذا أتينا بهذه الاستشهادات، فذلك ببساطة لأن (الكلام جاب الكلام)..

صحيفة الجريدة

Exit mobile version