ياسر زين العابدين المحامي يكتب : الطلقة الأخيرة

قد تتساوى، وتتقارب، وتبهت الأشياء فلا يصبح لها طعم…
تصبح كلفة الحياة بمظلة الخوف والقهر مليئة بالأوجاع…
العدالة حقٌ طبيعيٌّ لكل الناس…
العلاقة بين المواطن والسُّلطة واضحة المعالم…
تضبطها أخلاقيات قيمية أولاً…
وُضع القانون لتفعيل القيم…
المشكلة ليست في نصوصه…
إنّما في من يُطبِّقه…
إذا التقى مع ضمير مهني لا خوف…
إذا افترقا أيدي سبأ النتيجة حدث كل ما يُخالف القانون…
والاعتداء على الكرامة بلا سقف…
التاريخ وثّق أحداثاً مُروِّعة…
حفظتها الشعوب بذاكرتها الجمعية..
معرفة المجرم جُزءٌ مُهمٌ من التراث ما ينبغي صونه…
لمنع ظهور روايات تُحرِّف الواقع أو تُبرِّره أو تنفيه…
هكذا استفادت الشعوب من أخطاء الماضي…
عدّلت الصورة المقلوبة، واستوت سفينتها على الجودي…
عزّزت السلم والديمقراطية ما أدى لاستقرارهما…
حاسبت من هدر الدماء وروع الناس…
ولدت دولة القانون، لا تفرق بين الناس
طبّقت العدالة بمعيارها المُنضبط…
حكمت دولة المؤسسات وفق القانون..
لا مُبرّر يسوغ الإفلات من العقاب…
المبدأ ثمرة نضال المجتمع المدني…
يلزمنا بإقامة العدل والقسط…
الماضي حاضرٌ بركام أخطائه…
لأنّ الحق في العدالة الإفلات ظلمٌ..
ويؤسس لتطفيف المكيال…
وتضطرب علاقة المواطن مع السُّلطة..
عندما يتباطأون عن كشف المجرم…
ما هم بثقة بإدارة دفة السفينة….
عندما يعوزهم المَبرّر وكافة البيِّنات حاضرة نفجع…
وعندما يهتف ذوو الشهيد مُطالبين بالقصاص يضربنا الألم…
آمالهم انطوت على خيبة أمل… وأرواح الشهداء تهفو للقصاص…
ما أقسي أن يمشي القاتل مُطمئناً…
مخزي شعورنا بأن دماء الشهداء
راحت شمار في مرقة…
ما أتفه أن لا تنبعث حزمة ضوء طيلة هذه الفترة…
لقد رزئنا بصراع حول السُّلطة لأربعة أعوام ونيف…
وتقسّمنا أشتاتاً، زرافات ووحدانا…
وفارقنا شعارات الثورة ضحىً…
وطفقنا تأزيماً وتهويماً وتأليماً وكذباً صريحاً…
غرقنا بمُحاصصات ومنازعات بتوافه الأمور…
ونسينا أن هناك وطناً يرقد في غرفة العناية المُكثّفة…
وهناك من يضغط الزناد رويداً، رويدا ليطلق الطلقة الأخيرة…
لك الله يا وطن…
(الله غالب)…

صحيفة الصيحة

Exit mobile version