الأساطير الشائعة في الجدل السوداني هو أنه بعد “تعويم” الجنيه استقر سعر الصرف. هذه مجرد كذبة إذا كان لكلمة الاستقرار أي معني متفق عليه.
تذكر أنه تم تعويم سعر الصرف في فبراير 2021. حتى ذلك التاريخ كان سعر الصرف الرسمي 55 جنيهاً للدولار. تم إلغاء هكذا سعر وتوحيده مع سعر السوق السوداء عند 375 جنيها للدولار.
بلغ سعر الصرف اليوم حوالي 590 جنيهاً للدولار، أي انه انخفض بنسبة 57 في المائة منذ تعويمه في فترة زمنية قصيرة، عامين فقط. أين الاستقرار؟ إنها مجرد أكذوبة.
يمكن للمدافعين عن السياسة الاقتصادية للحكومة الانتقالية القول إن معدل تدهور الجنيه السوداني تباطأ في الفترة الاخيرة، لكن هذا يختلف عن القول باستقرار سعر الصرف. هدأ السعر نسبيا فقط في الفترة الاخيرة ا ليس بسبب التعويم في حد ذاته بل بسبب ضعف الطلب وتفشي الفقر الذي أقر به وزير المالية السابق في مقال منشور باللغة الإنجليزية. حقيقة اخري ذات صلة أنه عندما سقط النظام السابق كان سعر الصرف في السوق السوداء أقل من 70 جنيهاً للدولار.
وتم التبرير حينها لتعويم الجنيه باستدعاء التجربة المصرية التي تم تسويقها على انها نجاح صافي. ولكن الحقيقة ان النجاح القصير للتجربة المصرية دعمه تدفق أكثر من مائة مليار دولار من العون الأجنبي وودائع بعشرات المليارات ببنكها المركزي وتراكم مخيف للديون باتت تهدد سيادتها وتلتهم خدمتها اكثر من ثلث الموازنة العامة ورغم ذلك تدهور سعر صرف الجنيه المصري بحوالي 300 في المائة منذ بدايات التجربة.
يعتقد البعض أنه من الصعب الكذب في مسألة لا تعدو ان تكون مقارنة بين رقمين صلبين متاحين بسهولة، لكن البعض ما زالوا يكذبون ولا يهتمون بما إذا كانت الأرقام تدحض أكاذيبهم. فإذا كانوا يكذبون في وجود أرقام تناقض الاكذوبة ومتاحة بالكامل، فماذا تعتقد أنهم سيفعلون فيما يتعلق بأمور رمادية قابلة للجدل ولا يمكن قياسها بالأرقام العلنية؟
د. معتصم أقرع
كوش نيوز