عمر الحبر يوسف: وفي ليل التطبيع المُظلِم يُفْتَقدُ الإمام

الآن فقط تَبيَّن لكل ذي عينين أن وعود رغد التطبيع و انتظار جنة رخائه كانت محض أوهام وغطاء لمشروع تمكين قوة مهيمنة موالية لدولة الكيان لا أكثر ولا أقل …
الآن فقط يحتاج من سعى ذلك المسعى البائس إلى بعض اعتراف … فكلهم قد كانوا فيه شركاء .. إن سلمنا بأن البرهان ذهب وحده من تلقاء نفسه ليلتقي بزعيم ذلك الكيان في يوغندا فقرار إلغاء قانون مقاطعة دولة الكيان كان قرار مؤسستهم جميعا التي كانوا فيها شركاء!!
الآن فقط نحتاج أن نذكر بالخير ونشكر مَنْ كان لنا ناصحاً أميناً ورائداً لا يكذب أهله وكنا عنه نحن معرضين!! … كان الصديق رضي الله عنه إذا ذكر يوم (أُحد) قال : ( ذلك اليوم كله لطلحة) لعظم بلاء طلحة بن عبيدالله وجهاده في ذلك اليوم … و نصدق جداً نحن إنْ قلنا إنَّ يوم مناهضة التطبيع عندنا كان طلحتنا وحمزتنا وزبيرنا وعليّنا فيه الإمام الصادق المهدي رحمه الله!!
كان يمكن لإسلامي (صادق) أن يقف يحدِّث الناس في التطبيع حديث العقيدة الصافية عن أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وكان يمكن لقومي (صادق) أن يحدِّث الناس عن خطورة هذا الكيان على قوميةٍ الأصلُ فيها أنها أمة واحدة ذات رسالة خالدة .. وكان يمكن لشيوعي (صادق) أن يحدثهم عن واجب الثورة في حركة تحررية ضد كيان تجاوز الاستعمار إلى الاستيطان .. وكان يمكن لمؤمن بحقوق الإنسان (صادق) أن يحدّث الناس عن (لاإنسانية) الكيان وعن جرائمه وانتهاكاته في هذا الباب …
لكن الذي جمعَ ذلك كله وزادَ عليه في مرافعات متماسكة ومقالات محكمة وحجج دامغة كان الإمام الصادق المهدي.
كان الرجل شديد الإيمان بأن التطبيع في منطقتنا ينطوي على مخاطر سياسية وأمنية ومجتمعية …
كان يعرف بنظره البعيد أن التطبيع في محيطنا الذي نعيش فيه والديمقراطية ضدان لا يجتمعان .. وأن التطبيع والحريات نقيضان لا يلتقيان ..
كان يرى (التطبيع) و(التركيع) و(التقطيع) حلقات تنتظم مع بعضها في سلك واحد كل حلقة تقود إلى أختها!!
كان رأيه المعلن الذي جهر به والذي هو خلاصة كل الذي سبق أن التطبيع لا يكون مع غير الطبيعي.
ما اكتفى رحمه الله بواجب البيان فقط بل ذهب في خطوات أبعد … قاطع مؤتمرات في الداخل بعد خطوة التطبيع الأولى وصرَّح بضرورة محاكمة مَنْ قام بها بقانون مقاطعة الكيان الذي كان سارياً وقد كان له من الوزن السياسي ما يجعل تصريحه هذا يُحسبُ في دائرة الفعل لا دائرة الكلام!!
لم يكن بمستغرب والحال هذا حاله أن يكون آخر ما خطه بيده رحمه الله وصلاً لبيانه في مناهضة التطبيع وأباطيله وترهاته.
كان الإمام الصادق رحمه الله ينبوعَ حِكمة ومستودع نَظَر ، لو هدأتْ ثائرةُ الحملات المُوجَّهة ضده وانقشعَ غبارُ التربص به وانزاحَ سِتر الحَزازات القديمة عليه وانكشفَ حجابُ المُعاصَرة المُزهِّد فيه…
ولله الأمر من قبل ومن بعد ..

عمر الحبر يوسف

Exit mobile version