قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان إن القوات المسلحة لا تريد أن تمضي في الاتفاق الإطاري مع جهة واحدة، بل تريد أن يتشارك الجميع في تنفيذه لإدراكها أنه لن يقبل أحد أن تسوقه فئة معينة دون أن تشرك الآخرين، وأن البلاد تشهد كثير من التعقيدات الأمر الذي يتطلب تكاتف الجميع.
والفريق البرهان يبدو أنه (إستحلى) لقب المراوغ، أو أنه يداوي بالعادة خللاً جوهرياً لا يستقيم أمره إلا باللجوء إلى تصريح معوج ، لذلك ظل يمارس اللعبة لزعزعة الذهنية السياسية التي يرى أنه قد تربكها مثل هذه التصريحات أن سرح خاطرها تحليلاً لخطاباته السياسية.
والعبارات تحتمل تفسيرات متعددة فلن نمضي في الإتفاق مع جهة واحدة قد تعني توسيع قاعدة المشاركة، وهذا امر لا خلاف عليه ، طالبت به القوى المدنية وفتحت أبوابها ، ودعت لإنضمام أطراف السلام غير الموقعة ، فالأمر لا يستحق الاستعراض بالعبارات على منابر الخطابات بقدر ما يستحق الثبات في المواقف (الخاصية المعدومة ) عند الجنرال.
لكن إن أخذنا أن حديث البرهان هو حديث ( مفارق ) وأنه لا يريد أن يمضي في الاتفاق الإطاري ، فماذا ينتظر ، أما كان له أن يخرج للشعب السوداني ببيان جديد يعلن فيه ( الإنقلاب على نفسه ) ، ما الذي يجعله يمارس الخديعة المستمرة، فالشعب فقد ثقته السمعية لكل خطاباته فحتى الذين عقدوا عشمهم على خطابه الأخير لإنهيار الإطاري قد يباغتهم الجنرال بالتوقيع على النهائي، لهذا إن أراد البرهان النكوص ليساعد الشعب بخطوة شجاعة الإعلان عن الانسحاب لا التلويح والتلميح به.
و يتحدث عن التعقيدات التي تمر بها البلاد وهو أول المتسببين في كل ما تعاني منه البلاد الآن من مخاطر أمنية واقتصادية وسياسية ، فالقطيعة بين المدنيين لا أحد يرعاها ويشرف عليها ويشعل شرارتها سواه ، فالكتلة الديمقراطية هي الحاضنة السياسية للمجلس الانقلابي ، (لملم) ذات الوجوه من (اعتصام القصر) وصهر فشلهم وصنع منه هذه (الكتلة) ، نتج ذلك بعد أن فشل في معاركه مع السياسيين سوى بعنف وقتل للشباب أو بمظاهرات أنصاره الهزيلة ، بزحف الفلول الأخضر ، فالرجل هزمه الشارع الثوري الذي أنهك قواته بالمواكب المستمرة لذلك لجأ الصناعة جسم سياسي يصلح أن يكون عصاة يهدد بها كل حلم يرفع الوسطى والسبابة مطالبا بالمدنية.
فالقاهرة لم تقم ورشتها إلا بموافقته ومباركته، المباركة التي حصل عليها السفير المصري في آخر زيارة ، ودونكم تصريحات جبريل أن البرهان وعده بإلغاء الإطاري وايجاد اتفاق بديل، وكل الوفود المشاركة هناك هي وجوه إنقلابية ترى في البرهان منقذاً ومحققاً لأحلامها التي يبددها الإتفاق الإطاري ، فالود والوصل بينه وبينهم لم ينقطع ان لم يكن في مرحلة نمو وازدهار .
طيف أخير:
قال قائد الجيش إنه لن يفرط في الأمانة التي حملها له الشعب السوداني، وسألت نفسي عن أين وكيف ومتى حمل الشعب امانته للبرهان!!
صحيفة الجريدة