جامعة سودانية تحقق مع استاذة بسبب محمود محمد طه

تلقت د. فاطمة العاقب، أستاذة العلوم السياسية، كلية العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية، جامعة الزعيم الأزهري، السودان، استيضاحاً بتوقيع عميدة كلية العلوم السياسية بجامعتها،

عن محاضرة جاءت ضمن مقرر الفكر السياسي الإسلامي، الذي تقوم بتدريسه، لطلابها بالسنة الخامسة والرابعة من قسم العلوم السياسية.

وكان موضوعها المفكر السوداني محمود محمد طه. وقد درجت فاطمة على استضافة أساتذة من المتخصصين لتقديم محاضرات ضمن المقرر لطلابها.

ولمّا كان المقرر يشتمل على عدد من المفكرين الإسلاميين القدامى والمعاصرين، مثل الكواكبي والغزالي، وابن تيمية، وسيد قطب، ومحمود محمد طه، وحسن الترابي، ونصر حامد أبوزيد، وغيرهم. وبناءً على تجربة ناجحة كانت في العام الماضي (10 فبراير 2022) حيث استضافت الدكتور عبد الله الفكي البشير ليحاضر الطلاب عن المفكر السوداني محمود محمد طه (أونلاين- عبر خدمة الزووم)، مع تعقيب لأستاذ من العراق، وأستاذة من المغرب،

جددت فاطمة الدعوة للدكتور عبدالله في هذا العام، لتقديم محاضرة وتم الاتفاق على أن يكون عنوانها: بيئات التعدد الثقافي والتجديد الديني: الفهم الجديد للإسلام لمحمود محمد طه نموذجاً، مع تعقيب من أستاذة من العراق والجزائر والمغرب وتونس.

وقالت فاطمة في حديث لـ (مداميك) ان المحاضرة تعتبر ضمن المقرر، وكان الوضع طبيعياً وعادياً مع الأساتذة الذين سبق وأن جاءوا وحاضروا عن المفكرين الآخرين، غير أنها تفاجأت بمهاتفة من رئيسة قسم العلوم السياسية تخبرها بأن أمينة الشؤون العلمية بجامعة الزعيم الأزهري،

تطلب منها إلغاء محاضرة: بيئات التعدد الثقافي والتجديد الديني: الفهم الجديد للإسلام لمحمود محمد طه نموذجاً، أو تنظيمها بمركز دراسات وأبحاث القرن الأفريقي، وهو مركز لا علاقة له بالجامعة، وإنما تعمل الدكتورة فاطمة العاقب، مديرة له. وعبرت فاطمة عن دهشتها من إقحام أمينة الشؤون العلمية لمؤسسة لا تتبع للجامعة في أمور تخص الطلاب والجامعة. وعليه طلبت فاطمة من رئيسة القسم بأنها لا تقبل القرارات الشفوية وإنما القرارات الرسمية كتابة وبناء على قوانين التعليم العالي ولوائح جامعة الزعيم الأزهري. وحتى تاريخ اليوم لم تستلم فاطمة قراراً بإلغاء المحاضرة بينما تفاجأت بقرار منشور في مواقع التواصل الاجتماعي وهو صادر عن أمينة الشؤون العلمية بجامعة الزعيم الأزهري، بتاريخ 24 يناير 2023، ويقضي بإلغاء محاضرة، وإبلاغ جميع الأطراف بقرار الإلغاء.

وأضافت فاطمة بأنها أوضحت لرئيسة القسم بأنها غير معنية بقرار الإلغاء، والمحاضرة ستكون في موعدها. وبالفعل تم تنظيم المحاضرة في موعدها، عبر خدمة الزووم. واعتبر عدد من الاكاديمين بأن ردة فعل إدارة الكلية تُعتبر إشارة في اتجاهين؛ الأول هو اعتبارها انتهاكا صارخا للحريات الأكاديمية، واجحاف في حق الطالب الجامعي في البحث والابداع، وتحفظات الجهات العلمية بالمؤسسة الجامعية السياسية والفكرية أرضا خصبة لنشاط الجماعات المتشددة والمهوسة.

وفي السياق تعيد قصة الدكتورة فاطمة العاقب للاذهان عددا من القصص التي طالت حرية الاكاديميين السودانيين منذ العهد المباد، مرورا بسلطة الإنقلاب الحالية، والتي أعادت الفلول وأصحاب الأجندة الي واجهة مجالس الجامعات السودانية ،وهي تشبه قصة دكتور فاروق محمد إبراهيم الذي اتهمته إدارة كلية الزراعة بجامعة الخرطوم بتدريس مادة الإلحاد إبان العهد المباد، وبعد الانقلاب تعيد قصة د مجدي عزالدين بجامعة النيلين والتي تم بموجبها كتابة اعلان الخرطوم للحريات الأكاديمية، ومنع مناقشة كتاب للدكتور فتح الرحمن التوم بواسطة الجمعية الفلسفية بجامعة الخرطوم، وإغلاق مكتبة ثقافية بجامعة البحر الأحمر الاسبوع الماضي.

من جهته قال الكاتب والخبير القانوني، حاتم إلياس؛ بأنّ واقع الأمر هو التخوف من رياح ردة كبيرة على حرية البحث العلمي، والتقييد على الأساتذة في المواد التي يقدمونها لطلابهم خصوصاً في كليات مثل العلوم السياسية؛ والمعنية اصلاً بتدريس الفكر السياسي ،وتياراته المختلفة، في مختلف الحقب للطلاب، ضمن سياق نظري واكاديمي هو غير معني بتشكيل القناعات بقدر ماهو معني برصدها في الأطار المعرفي والأكاديمي الذي يسعى لتأطير الطلاب في المعرفة الأكاديمية موضوع دراستهم وهي هنا علم السياسة.

صحيفة الصيحة

Exit mobile version