تحب تفهم تدوخ، مثل تونسي عميق، يُردده الإخوة التوانسة للتعبير به عن حال الفوضى السياسية في بلادهم، كثيراً ما تستدعي الذاكرة هذا المثل في زماننا هذا، لا سيّما وحالة اللا وعي السياسي التي نعيشها، بسبب من تصدروا مشهدنا السياسي المُضطرب، تتزايد مع الأيام، وكُل صباح جديد يحمل في أحشاءه من الأخبار ما تعجز العقول عن استيعابه.
تعال معي عزيزي القارئ لنقف سوياً على هذه الأخبار، علّنا نستطيع سوياً فهم ما جرى خلال الإسبوع المُنصرِم، داخل تلك المكاتب السياسية المُغلقة (عنّا).
البُرهان في تشاد لبحث ما يجري في الساحِل الأفريقي، وما يدور في صحراء ليبيا، هذا ما رشح من أخبار، أمّا ما همس به البُرهان في أذنِ محمد إدريس دبّي، فالله وحده أعلم به، وما أكثر ما حجبته عنّا الأخبار، وحُدود علمنا أنّ كلاهما يجلس اليوم على صفيحٍ ساخِنِ تشتعل تحته النيران بشدة.
رُبما لم يعود طاقم الوردية التي ودعت البُرهان في مطار إنجمينا إلى منازلهم، وقبل أن تستجم طواقم مراسم القصر الرئاسي التشادي من رهق زيارة البرهان، حطت في مطارهم طائرة الفريق محمد حمدان دقلو، والسُذج امثالنا قد يتساءلون، لماذا لا يحمل البُرهان معه رسالة حميدتي العاجلة إلى تشاد، على الأقل حتى لا يُكلفا خزينة (جبريل) مصاريف رحلاتهما، إن كانا حقاً يعملان في انسجام، لأجل شعب السودان الممكون بتصرفاتهما، وماذا دار بين محمد دبي ومحمد دقلو، في مباحثاتهما السرية يا تُرى.
قبل أن نذهب بعيدا، حملت الأخبار أنّ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في طريقه للخرطوم في الإسبوع القادم، نعم لافروف شخصياً سيخرج من بلاده المشغولة جداً بحربها مع أوكرانيا، ليُشرفنا بزيارة، قالوا عنها لدعم الحوار السياسي الجاري الأن، نعم هل تُصدِقوا أنّ روسيا وهي تعيش في ظروف حربٍ طاحنة، ستُفرِغ وزير خارجيتها للوقوف على آخِر مُستجدات الحوار السوداني..؟، والذي تشرِف عليه أمريكا (شخصيا)، والمدعوم من دولٍ لا تمُت لروسيا بصلة. يعني كيف..؟
ماذا تُريد روسيا، وما السبب في ارسالها لوزير خارجيتها لافروف للسودان.؟
هل حقاً للاطمئنان على مُجريات الأوضاع السياسية، أم أنّ (حميدتي) حامي مصالح روسيا في السودان قد استنجد بها للدخول لقطع الطريق أمام التحالفات الجديدة الداعمة للحوار، والذي سيُعيد في حال نجاحه الحسابات السياسية، وكذا الاتفاقيات الظاهرة والخفية، فلا تسألوني عن مُربعات الذهب التي ستذهب غداً إلى غيرها، وسيتبدد حُلم الحصول على الميناء في البحر الأحمر، وسترحل غير مأسوف عليها قوات فاغنر الروسية التي تتخذ من حدودنا مع أفريقيا الوسطى وتشاد ملعباً لها، وبوابة للدخول بها لدول الساحِل الأفريقي.
قطعاً رحيل فاغنر من المنطقة حُلم تنتظره تشاد، وأمل تسعى إليه أمريكا، الداعمة للحوار المُنتظر، والذي يُعوِّل عليه البُرهان في الخروج عبره من أزماته، وسيخسر به حميدتي كثيرا.
تعالوا نشوف..ولنا عودة
صحيفة الجريدة