يعتقد البعض أن حادث مهاجمة دفار المنتظرين الذي راح ضحيته مساعد الشرطة وعدد كبير من الاصابات تم من أجل الثأر لأحد من كبار تجار المخدرات، وهو حادث منفصل عن ما يحدث اليوم في الساحة السياسية وهو الفهم الذي تحاول الكثير من الجهات ايصاله للبسطاء إلا ان التحقيقات بعد القبض على مرتكبيه تقول أكثر من ذلك بكثير لارتباط عدد من الحركات المتمردة به حسب الأسلحة والبطاقات العسكرية التي وجدت داخل مواقع (العصابة) التي خططت ونفذت تلك العملية الغير مسبوقة في تاريخ البلاد قديماً وحديثاً.
واذا ما تم ربط الحادث بالكمية الكبيرة من المخدرات التي صارت تدخل البلاد في السنوات القليلة الماضية أو الفترة التي تم فيها توقيع اتفاقية السلام مع الحركات المتمردة واعترافها بان المخدرات التي ضبطت بمطار الخرطوم تخصها تضح جلياً الرؤية عن الجهة التي تعمل على انتشارها وتستفيد من ذلك في (جانبين).. اذا نظرنا الي المستهدفين منها من شباب ثورة ديسمبر ، أولها العائد المادي الكبير والذي يستخدم لتقوية شوكة تلك الحركات وتسليحها وثانيها إضعاف الشباب بالادمان وهو والله لأمر خطير ترفض الجهات الرسمية الاعتراف به بصورة علانية.
هناك أشياء (غير مرئية) وأثار غير سياسية مباشرة لا يمكن مناقشتها من خلال الورش التي تقام هذه الايام لمناقشة تقييم اتفاقية السلام أو يمكن القول بأنها آثار جانبية فعالة وذات اثر عميق في مستقبل الوطن لا يمكن للجهات السياسية ادراجها كأجندة للنقاش لعدم توفر الدراسات حولها او اعتبار تبعيتها لجهات أخرى كـ (مكافحة المخدرات) مثلاً ولم يتم تضمينها كآثار سيئة لتلك الاتفاقية المعيبة والتي تمت في تسرع ودون ضمانات أو فهم متكامل فأفرزت العديد من السلبيات التي اصبح من الصعب علاجها اليوم .
يجب الاعتراف اولا بان بعض الحركات المسلحة قامت باختطاف تلك الاتفاقية واستفاد قادتها من المناصب الحساسة التي تم توزيعها عليهم تاركين بعض الحركات (الصغيرة) التي ساندتهم ووقعت معهم ضائعة ولم تجد امامها من خلال (الغبن) الذي تحمله والتجاهل الذي وجدته الا التحول الي (عصابات مافيا) بدأت تظهر في الفترة الاخيرة بوضوح من خلال التنظيم المحكم لتهريب وتوزيع المخدرات والحماية العنيفة بالسلاح لزعماء تلك الحركات اللذين بكل اسف تحولوا الي زعماء مافيا بعد ان فقدوا الأمل في التحول الى زعماء سياسيين.
الدولة التي تنادي كل صباح لمحاربة المخدرات عليها ان تعترف اولا بالجهات التي تعمل علي اغراق البلاد بها وهي تعلمها جيداً بعيداً عن الحسابات السياسية فمستقبل الاجيال القادمة هو الذي تعمل من اجله كل السياسات الا اذا ما كانت (قيادتنا الفتية) لا يهمها ذلك المستقبل وتعمل علي تثبيت نفسها من اجل الجاه والسلطة والمال.
الورش المنعقدة حاليا حول تقييم اتفاقية (استسلام حوبا) لا قيمة لها اذا لم تناقش الآثار الاجتماعية ومحاولات الخلاص من ثورة الوعي الشبابي الذي قاد ثورة ديسمبر .. فالقضية صارت أكبر من لعبة المشاركة في كراسي الحكم الى وجود دولة بالكامل ومستقبل شبابها.
عصب خاص:
شكرا استاذي حيدر المكاشفي فقد اخجلت تواضعي.
والثورة أبداً مستمرة.
والقصاص للشهداء أمر حتمي.
صحيفة الجريدة