وزع قيادات الكتلة الديمقراطية البسمات لدى مغادرتهم أمس مطار الخرطوم متوجهين إلى القاهرة تلبية لدعوتها في اطار مسعاها لحل الأزمة السودانية عبر حوار سوداني سوداني ، وحرص القيادات على تمييز أنفسهم دون أن يقحموا بقية المشاركين في صورتهم في إشارة واضحة بأنهم أصحاب (الجلد والرأس).
وإذا سلمنا جدلاً أن المسعى المصري للحل سيترك الأمر للكتلة الديمقراطية وبقية القوى المشاركة الحوار دون تدخل ماذا بعد ذلك هل ستكون المخرجات اتفاق بين القوى المتحاورة أم أن البرهان سيرسل وفداً لتمثيله ليكون الناتج إتفاقاً إطارياً جديداً أم ستحمل القوى توقيعاً على ميثاق لتعود وتفاوض به قوى الاتفاق الإطاري مرة أخرى.
بعد فضيحة تصريحات صندل والارتباك الذي سرى في أوصال الكتلة الديمقراطية لم يعد هناك خياراً أمامها غير العودة والتسليم فهي تدرك أن لقاء القاهرة تحصيل حاصل ومناورة غير مجدية في ظل التأييد المطلق الذي يحظى به الاتفاق الاطاري من قبل الترويكا والمجتمع الاقليمي.
هناك أيضاً محاولات الولايات المتحدة وفرنسا لإعادة ترتيب المنطقة ووقف زحف الدب الروسي وهذا يدعم الاتفاق الاطاري فالسودان (جوكر) لن يفرط فيه الأمريكان هذه المرة ورسالة بلنيكن وزير الخارجية الأمريكي للقاهرة بدعم الاتفاق الاطاري واضحة.
إذا أصرت القاهرة بأن لا تكتفي بالمناورة لاشراك بعض لاعبيها اللذين يحق لهم المشاركة في التوقيع على الاتفاق الاطاري سيتم حرقهم لأن الرأي العام السوداني لا يرى فيهم خياراً مناسباً للعب أدوار أكبر فهم فشلوا وتراجعت شعبيتهم بعد تأييدهم لانقلاب البرهان .
حتى ترك الذي يظنون أنه أمير الشرق الرهان عليه أصبح خاسراً خاصة بعد تناقضه الواضح فالرجل تحالف مع حركات موقعة على اتفاق جوبا الموافقة على المسارات وهو المبدأ الذي قاد به التعبئة وسط أنصاره وبالتالي تراجعت قواه وانشق مجلس عموديات البجا الى فسطاطين في حين إنضمت غالب العموديات الى ورشة تقييم سلام جوبا.
أما جعفر الميرغني فجولات وصولات إبراهيم الميرغني في القضارف وبورتسودان وكسلا أثبتت أن هناك تغييرات كبرى حدثت في الحزب وأن الختمية لم يعودوا رهن الإشارة لمن يكلفه مولانا بالرئاسة وإنما يربطون ذلك بالموقف السياسي الراهن.
من حق القاهرة أن تبحث عن مصالحها ولكنها يجب أن تدرك أن الطريق الوحيد لها هو ضمان مشاركة من يحق لهم المشاركة عبر الاتفاق الاطاري ليس محاولات فرض الأمر الواقع التي تجاوزها الواقع تماماً.
لن تجدي محاولات التماسك وتوزيع البسمات فالمفارقة واضحة بين الاتفاق الاطاري والمسعى المصري لحل الأزمة السودانية المعزول من القوى المؤثرة ، خاصة وأن القيادات المبتسمة وراء دموع الشعب السوداني المكتومة والساخنة التي تسيل هذه الأيام نتيجة معاناة المواطنين من سياسات الافقار والتجويع جراء السياسات الاقتصادية التي يتحمل وزرها 3 من قيادات الكتلة الديمقراطية اللذين يمثلون القطاع الاقتصادي .
صحيفة الجريدة