اذكر انني في الشهور الاولى لزواجي ..كنت قد قمت بزيارة لصديقة قديمة بصدد تعزيتها في والدها …لتلك الصديقة اخت بها كما يقولون (لطف ) بعقلها ..يجعل الناس لا يحفلون بما تقول ..او يكتفون بالضحك عليه …عندما دخلت و(شلت الفاتحة) وجلست ..اتت تلك الاخت (اللطيفة ) ..نظرت الي متمعنة ..وقالت (ناهد؟؟ انتي عرستي؟؟)…هززت رأسي بنعم …قالت وهي تمصمص شفتيها (العرس هين ..الكلام السماية)…علت ضحكات النساء رغم الحزن المخيم …وظللت انا أردد تلك العبارة كنوع من المزاح اللطيف ..ذلك انه متى كانت السماية مشكلة؟؟ ..
عادة لا نحمل لها هما …خروف وتذبحه ..اما جمعت الاهل ..او فرقته للاقارب والجيران ..ومن ثم ترسل لك الدعوات بحفظ المولود و(ان شا الله يتربى في عزكم)…كان هذا الاعتقاد باق في بالي ..حتى شاهدت مقاطع فيديو ل(سمايات) مقامة في صالات …يدخل الام والاب وهما يدفعان عربة صغيرة بها الطفل المولود …زفة ترافقهم ..ثم فنان ..وعشاء فاخر ومدعوين ..وووتياب ودهب ووو..و ووو دقي يا مزيكة …
بمجرد رؤيتي لهذه المقاطع …تذكرت صورة مارك بتاع الفيس بوك (اسم ابوه دا يا جماعة ما بعرف اكتبه معليش)…مارك الذي يعد من الاثرياء الشباب في العالم ..عندما انجب ابنته (ماكس) خرج على العالم معلنا تبرعه بملايين الدولارات لاعمال الخير …طبعا ما يلزم التنويه عنه ..هو ان مارك ..هذا يهودي اصلي ..ماركة ..يعني يهودي ابن يهودية …يعني من أؤلئك الذين ندعو الله في كل جمعة ان يزلزل الدنيا تحت أقدامهم ….فتأمل ..ما نفعله نحن ..وما يفعله أؤلئك …
المهم ..موضوع الاسراف في تفاصيل الزواج …اصبح واقعا ..لدرجة ان هناك من يبيع ممتلكات لكي يكمل مراسيم الزفاف …الذي دخلت عليه اشياء غريبة جدا …هل تصدق ان هناك من يدعى (مصمم الزفاف) ..زول طول بعرض ..تمشي ليهو في المكتب ..تدفع مبلغ وقدره ..هذا الرجل مهمته ان يصمم لك الدخول الى الصالة …تمشي تلاتة خطوات ..اقيف ..اعطي وجهك للكاميرا ..ابتسم في اتجاه النجم القطبي …تحرك ببطء ..اربعة خطوات ..توقف لقطع التورتة … …هذا غيض من فيض …والجماعة يدفعوا عن يد وهم صاغرين …اها دا كلو عرفناهو …لكن الموضوع يستفحل ويصل (السماية) ..دي كتيرة والله …لا يأتي احد ويقول لي نعمل شنو ؟؟ ..
التغيير يبدأ من انفسنا …تيار (الفشخرة والبوبار ) اذا اردنا محاربته ..لا يحتاج الا لقرار صارم مني ومنك ….عزيزتي الام ..عزيزي الأب ..لو انعم الله عليك بطفل ..وكنت من اصحاب الثراء …وقالت لك نفسك فلتفعل كما فعل هؤلاء …دعني ادلك على خير من ذلك …اخرج دفتر الشيكات ..واكتب ما كنت تريد دفعه للصالة ..تبرعا لاطفال السرطان …لعمليات غسيل الكلى ..لبناء فصل في مدارس يجلس التلاميذ فيها على الأرض …لن تعدم مكانا تتبرع له ..ولن تتوقف الالسن من الدعاء لك ولطفلك …وان شا الله ترزقان بره …وتعيشوا في تبات ونبات وتجيبوا صبيان وبنات …ونغني جميعا (لو أعيش زول ليهو قيمة ..أسعد الناس بوجودي ).
صحيفة الجريدة