محمد عبد الماجد يكتب: صفحات من ذكريات (كوز) اهتدى

عند اليساريين قدرة فائقة على (الاعتذار) و (الاعتراف) بالخطأ والإعلان عن ذلك والتراجع عنه – لا نقصد بهذا القول تثبيت (الاخطاء) التى وقعوا فيها، او الادانة لهم فهذا امر نسبي .. ما نقصده هنا أن أي واحد منهم اذا شعر بالخطأ كان عنده القدرة والشجاعة للخروج والاعتراف بذلك. بل انهم يعرفون فضيلة (الاعتذار) ويدركون قيمة ذلك، ولا يبالون، عكس الاسلاميين في السلطة او في المعارضة الذين يكابرون ويجادلون حتى يدركهم الموت بعد ان تأخذهم العزة بالاثم.
 الاسلاميون بعيداً عن السياسة مثل المتصوفة بسطاء – هم دائماً في حالة اعتذار وشعور بالذنب وقد تجدهم اقرب للتلاشي والذوبان لشعورهم بالتقصير .. لهذا (الاعتذار) قيمة اسلامية نبيلة.
(2)
 قال وزير الثقافة والإعلام السابق فيصل محمد صالح انه لن يفكر في الرجوع الى الوزارة لأنه ليس بصالح لتلك الوظيفة . ليرد عليه مقدم البرنامج قائلاً : انه من الغريب أن يقول من كان مسؤولاً انه لم يكن صالحاً لوظيفته.
 هذا الامر والاعتراف لا يصدر إلا من رجل شجاع .. المثالية عندنا في اعرافنا (ضعف). عندما كان فيصل محمد صالح وزيراً للثقافة والاعلام هاجمناه وانتقدناه ..لأن فيصل محمد صالح رجل (مبادئ) والسياسة والسلطة لا تصلح فيها المبادئ .. كنا ننتظر ان (يكنس) فيصل محمد صالح (الكيزان) من الاعلام او من وزارته على الاقل ، لكنه لم يفعل ذلك لأنه قصد ان يعمل بالقانون وما زال فيصل محمد صالح مقتنعاً بهذا الامر لذلك يقول انه لا يصلح للمنصب، وهو شيء يمكن ان نختلف فيه مع فيصل محمد صالح لكن لا ينبغي ان نهاجمه عليه ونسبه ونجرمه لأنه صاحب مبادئ، خاصة اذا كنا ننادي بالديمقراطية والحريات. فيصل يؤمن بأنه لا يمكن ان يطالب بالحريات له ولتياره ويرفضها على الاخرين.
 لا تعمل في منصب بدون قناعاتك ولا تجعل قناعاتك عرضة للبيع والشراء والتشكل بما تفرضه الظروف.
 اذا اصبحت (القناعات) (قِناعات) فعلى الدنيا السلام.
 الشيء الغريب ان فيصل محمد صالح ومن ارباب الحريات ودعاتها تعرض لهجمة شرسة على تصريحه هذا . قالوا له كيف تقبل بالوزارة وأنت لست كفءاً لها ؟ وهذا امر اكتشفه فيصل محمد صالح بعد خروجه من المنصب او عندما جرب الوزارة .. اغرب من ذلك انه عندما قال انه لن يقبل بان يكون (وزيراً) في الفترة القادمة هاجموه ايضاً وهم الذين كانوا قد عابوا عليه كيف يقبل بالمنصب الوزاري في حكومة حمدوك الاولى والثانية وهو غير صالح للمنصب، هذا تناقض عجيب !!
 الذي يهمنا من ذلك قيمة الاعتذار والاعتراف بالخطأ والتواضع الذي جسده فيصل محمد صالح وهو اكثر شخص يمتلك مؤهلات له، كفى انه قال ذلك بعد ان جرب السلطة وجلس على كرسي الحكومة.
 غريب ان يقول (صالح) انه غير (صالح) للمنصب!!
(3)
 قبل ذلك كان احمد سليمان المحامي قد اثار ضجة كبرى بكتابه ذائع الصيت (ومشيناها خطى: صفحات من ذكريات شيوعي اهتدى) وهو كتاب في اعتقادي يحسب لليساريين وليس عليهم.. فكلهم مشوها خطى، من الذي خرج منهم واعترف بذلك.
 انظر الى حال قيادات النظام البائد من الحركة الاسلامية لا اجد فيهم رجل واحد بعد كل الاخطاء التى وقعوا فيها يخرج ليعترف بذلك ويعتذر للشعب السوداني.
 لقد قتلوا وأبادوا وارتكبوا جرائم ضد الانسانية وازكموا انوفنا بالفساد وقضاياهم بعضها معلق وبعضها تمت ادانتهم فيها، لكن لم يخرج بعد ذلك كله من يعتذر منهم.
 ما زالوا يجادلون ويجمّلون الفساد والقمع ويدافعون عن الباطل.
 فصلوا الجنوب وقتلوا (28) ضابطاً في رمضان وفعلوا كل ما لا تقبله البشرية ولم يعتذروا عن ذلك.
 صححوا اوضاعكم وعودوا الى رشدكم فنحن في انتظار (كوز) يهتدي ويقر ويعترف بسوء الانقاذ و (30) سنة من الخراب والدمار الشامل.
 زرعوا الفتنة بين القبائل وسلحوها في حربها على بعضها البعض وخربوا الاقتصاد وشلوا حركته ويفاخرون بعد ذلك كله بشعارات الاسلام التى كانوا يرفعونها ولا يعملون بها.
 انتم في حاجة للاعتذار اولاً للإسلام قبل كل شيء، فقد استغليتم (شعاراته) و(اسمه) في مآربكم الخاصة.
(4)
 بغم
 انكاركم للمشاركة في انقلاب 30 يونيو 1989م هو اكبر ادانة لكم وهو اعتراف بجريمة هذا الانقلاب.
 الافضل كان الاعتذار عنه بدلاً من انكاره.
 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version