(1)
ما استقر في أذهان الناس وعقولهم أن اللجوء إلى التسويات في كثير من القضايا خاصة المدنية أفضل بكثير من التقاضي وذلك بسبب سلحفائية الفصل فيها أمام المحاكم والبطء الشديد الذي يبدأ مع رفع الدعوى المدنية، ومن فرط الثغرات الموجودة بالقانون خاصة المدني، كثير من المتخاصمين يعزفون عن المحاكم، لاعتقادهم بغياب العدالة في مثل هذه القضايا ، ولأن الإبطاء في الفصل ينطوي على ظلم عظيم ويضيِّع الحقوق.
(2)
كثير من الناس يجد نفسه أمام ثلاثة خيارات فقط إما أن يستمر في التقاضي سنة ، سنين ، ثلاثة أو خمسة يخسر أكثر من المبلغ محل الدعوى بعد أن يفقد المبلغ نفسه قيمته، والخيار الثاني ، أن يلجأ إلى التسوية على غرار (المال تلتو ولا كتلتو) ، والثالث ،أن يستغنى ويطلب التعويض من الله ..وإن لم يفعل شيئاً من الثلاثة سيلجأ إلى أخذ الحق بـ (اليد)..
(3)
يضاف إلى تلك السلحفائية التي يتسم بها سير القضايا المدنية ،نقص القضاة في كثير من المحاكم مما قد يسهم أيضا في تأخير الفصل في هذه القضايا وحتى الجنائية ،إلى جانب أن كثيرا من محامي الدفاع في القضايا المدنية والجنائية يستغلون كثرة الثغرات والحلقات الأضعف في القانون الذي اصبح من كثرة ثغراته مثل “الجِبْنة السويسرية” كما يقول الراحل الإمام الصادق المهدي…فلو أن القضاء ناجز كما ينبغي لما لجأء الناس لغيره.
(4)
تروي قصص التأريخ الإسلامي أن أحد جند الإسلام بعد إنجلاء غبار المعركة أعطاه أبو موسى الأشعرى رضى الله عنه نصيبه من الغنائم ولم يوفه ، فأبى أن يأخذه إلا كاملا، لايترك منه خردلة ، فضربه أبو موسى عشرين سوطا وحلق رأسه .
جمع الرجل شعره المتناثر على الأرض فى صرة، وذهب به إلى المدينة ، فلما دخل على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه أخرج الرجل شعره من جيبه وذكر الرجل قضيته ، فغضب أمير المؤمنين، وكتب إلى أبو موسى الأشعرى : (سلام عليك، أما بعد : فإن فلان بن فلان أخبرنى بكذا وكذا، وإنى أقسم عليك إن كنت فعلت مافعلت فى ملأ من الناس جلست له فى ملأ من الناس فاقتص منك ، وإن كنت فعلت مافعلت فى خلاء فاقعد له فى خلاء فليقتص منك…اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة