زاهر بخيت الفكي يكتب: الحسكنيت يا دقلو..!!
بعيداً عن رأئي الشخصي في حميدتي كنائب لرئيس الدولة، في زمان (اللا) دولة، اعترّف بحرصي الشديد على مُتابعة لقاءاته الجماهيرية (المُباشرة) لا سيّما المُرتجلة، في أوقات الغضب (وما أكثرها)، قطعاً لا يدفعني العشم، في ما تحمله تلك اللقاءات في احشائها من بُشرياتٍ لنا، فقد انقطع العشم، وزهدنا في فرحٍ أو بصيص أمل قد يأتِ إلينا عبر بوابات ناس دقلو ورفاقه المفتوحة الأن، لقناعتنا الراسخة في أنّ قطار السياسة المؤمل فيه لانقاذ البلاد من وقعتها قد توقّف تماما، تدمّرتِ خٌطوطه، ومُسحت محطاتِهِ، ولا أمل ألبتة في أن يُصلح هؤلاء مسيرته، كما لا قُدرة لهم على ازالة العقبات الموضوعة أمامه.
فقط ما يدفعني للتعليق على أقواله، أنّ للرجُل قُدرة رهيبة على استصحاب الأمثال الشعبية الدارفورية القوية، مع اجادته التامة لاستخدامها في مكانِها الصحيح، لا سيّما في خطاباته الموجهة لأهل دارفور، والتي غالباً ما ينسى فيها نفسه، ووضعه السياسي، وينسى فيها تلك (الصُدفة) العجيبة التي صيّرته نائباً لرئيس دولة السودان، رُبما اعجابي الشخصي الشديد بتلك الأمثال، لمعايشتي لأهلها، الذين فتحوا لي أبوابها، وملّكوني بعض مفاتحها، يدفعني للوقوف عندها، والكتابة عنها من باب الاعجاب بالموروث الشعبي الدارفوري، ونقلِه لمن يُحب.
خرج علينا السيد الفريق أول حميدتي، للحديث بعد الأحداث التي شهدتها الحدود مع دولة أفريقيا الوسطى مؤخرا، والتي أشار فيها البعض بأصابع للاتهام لقوات الدعم السريع، وذهب في حديثه الغاضِب لتهديد من يظُن بأنهم السبب في الاتهامات الموجهة للدعم السريع، دون أن يُسميهم، وقال بأنّهم من المكشوفين لديه، وعنده الدليل الثابت ضدهم، وهُنا جاء بالمثل الدارفوري العميق (الضنبو شايل حسكنيت)، بنقبض عليهو طوالى عشان ما يسوي المُصيبة ويرميها فوقنا، والحسكنيت لمن لم يسمع بها، ومن لم يعلم معناها، هي مُفردة عربية قديمة تعني النبات الشائك، وهي شجرة صغيرة تنبُت في كثير من مناطق السودان، ولها ثمرة شوكية لا تسلم منها المواشي، تتعلّق بجلدها بكثافة، وتتعمّق في صوفها، ولا تستطيع الماشية الخلاص منها بسهولة، وهو دليل ثابت على وجودها في المرعى.
بعيداً عن حادثة أفريقيا الوسطى، نقول للسيد حميدتي، أنّ الدفاع المُستمِر عن قواتِك بهذه الطريقة ووضعها على الدوام في خانة الضحية، ما عاد مقبولا، فالأرض المملوءة بالحسكنيت الذي ترعى فيه غنم القوم الذين اتهمتموهم، هى نفس الأرض التي ترعى فيها أغنامكم، والحسكنيت يتعلّق بكُل من دخل الأرض التي تنمو فيها شُجيراته، والاعتراف بأخطاء البعض من قواتكم، لا أعني في حادثة أفريقيا الوسطى المًشار إليها، ولكن في حوادِث أخرى مُتفرقة بما فيها حادثة فض الاعتصام، يضع أرجلكم بثبات في درج الزعامة التي تبحثون عنها، والنُكران المُستمر لضلوعها في بعض الحوادِث هُنا وهنُاك لن يُفيدكم في شي.
نقول للشباب..
أظنّكم سمعتم بالمُفردة عند المُغنية بت الشريف (الحسكنيت يا عمة) ياهو ذاتو المقصود.
صحيفة الجريدة