يبدو أن الاهتمام بزراعة القمح تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة من قبل الدولة، الأمر الذي أدى إلى تراجع المساحات المزروعة بنسبة تصل إلى (50)% مما كانت عليه، ومع ذلك اجتهد كثير من المزارعين بمشروع الجزيرة في زراعة (150) ألف فدان قمح أو يزيد قليلاً، اللافت أن تمويل هذه المساحة تم من قبل منافذ تمويل مختلفة، منها إدارة مشروع الجزيرة وبعضها من مؤسسات التمويل الأصغر والبنك الزراعي وأخرى تم تمويلها ذاتياً من قبل المزارعين، وبحسب منتجين بالمشروع، هناك مزارعون متضررون تم منحهم تقاوى عبر مبادرة الطوارئ من إدارة المشروع مجاناً لزراعة مساحة (10) آلاف فدان دون أن يتحصلوا على بقية المدخلات الأخرى، وبالنظر لمجريات الواقع كان قد وافق مجلس إدارة مجموعة بنك التنمية الأفريقي في أبيدجان، على تمويل مشروع طارئ لإنتاج القمح في السودان بمبلغ (73.81) مليون دولار.
إمكانات هائلة
وأفاد المجلس في بيان نشر مؤخراً، أن الأموال المقدمة من البنك ستساعد في شراء وتسليم بذور معتمدة لأصناف متكيفة مع المناخ وأسمدة وخدمات إرشادية للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يزيد المشروع إنتاج القمح بأكثر من الضعف من (630) ألف طن حالياً إلى (1.52) مليون طن في غضون عامين، وأضاف أن المشروع سيستفيد منه حوالي (400) ألف أسرة زراعية، وما يقرب من (800) ألف عامل، وقال المدير العام لبنك التنمية الأفريقي لمنطقة شرق أفريقيا، نينا نوابوفو إن السودان الذي يضم أكبر مساحة مروية في أفريقيا جنوب الصحراء، لديه إمكانات هائلة ليست فقط لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، ولكن أيضاً ليصبح مصدراً.
الأمن الغذائي
في ظل ذلك يرى رئيس مبادرة متضرري الجزيرة والمناقل، سفيان الباشا أن منحة بنك التنمية الأفريقي لدعم زراعة القمح بالسودان التي سيتم تنفيذها على مدى عامين عبارة عن مدخلات إنتاج تقاوى وأسمدة، وقال إن الهدف من ذلك المساعدة في توفير الأمن الغذائي للشعب وبقية شعوب القارة الإفريقية، وذكر أنه بعد اجتماعات مراثونية بين شركاء العملية الإنتاجية مع إدارة بنك التنمية الأفريقي تم التوصل إلى آلية تنفيذ هذه المنحة، وأوضح في حديثه لـ(اليوم التالي) أنه تم تخصيص مدخلات إنتاج لـ(45) ألف فدان لمشروع الجزيرة وأوكل أمر تنفيذها لإدارة المشروع لكونها تعد الإدارة الأكثر جاهزية في هذا الظرف لتنفيذ هذه المنحة.
خيار وفقوس
وتابع: ينبغي أن نوضح أمراً مهماً هو أن بنك التنمية الأفريقي لم يحدد إلى أي فئة من المزارعين يجب أن يذهب التمويل، بل ذكر أن المنحة دعم لزراعة القمح بالسودان وخصص بعضها لمزارعي مشروع الجزيرة، وقال رغم تأخير المنحة وفوات أوان حاجتها لكثير من المزارعين والزراعة فقد شرعت إدارة مشروع الجزيرة في تنفيذ المنحة بعيداً عن أخذ رأي المزارعين المستفيدين والمستهدفين أنفسهم،
وقد صنفت المزارعين وميزت فيما بينهم بعيداً عن الأهداف التي من أجلها جاءت المنحة وجعلت من المزارعين خيار وفقوس – على حد تعبيره، وأضاف أن هذا النهج أغضب عدداً كبيراً من المزارعين للطريقة التي اتبعتها الإدارة في توزيع المنحة على المستفيدين، لافتاً إلى أنه كأن المنحة تخص إدارة مشروع الجزيرة وملكاً لها فنصبت الإدارة نفسها وصياً على المزارعين، وأشار إلى تخصيص الإدارة للمنحة للمزارعين الذين تم تمويلهم عبرها سواء كانوا أفراداً عبر مكاتبها المختلفة أو تجاراً أخذوا كميات كبيرة من التقاوى من قبل الإدارة للتجارة بها، وأكد بذلك أن الإدارة خصصت لهؤلاء كل المنحة التي أتت من بنك التنمية الأفريقي.
التمييز السلبي
في وقت يرى سفيان أن الإدارة حرمت بقية المزارعين الآخرين الذين مولوا تمويلاً ذاتياً أو عبر منافذ التمويل الأخرى وحتى المزارعين المتضررين الذين منحتهم تقاوى كما الآخرين وتعاملت معهم وكأنهم أتوا من كوكب آخر أو أنهم غير مزارعين بالمشروع أو أنهم مزارعون من الدرجة الثانية أو غير مرغوب التعامل معهم، فهذا يعد تمييزاً سلبياً للغاية – على حد وصفه، ويتوقع من خلال ما وصفه بالتمييز السلبي الذي مارسته الإدارة في حق جموع كبيرة من المزارعين، سوف تكون له آثار كارثية في العلاقة ما بين الإدارة من جهة والمزارعين من جهة أخرى، وقطع لن تستطيع الإدارة أن تنجح في عملها بعيداً عن المزارعين ورضائهم عنها.
أسئلة مهمة
وضع سفيان بعض الاستفهامات متسائلاً: أين العدالة في توزيع منحة بنك التنمية الأفريقي بين المزارعين؟.. لماذا يصبح نوع التمويل سبباً في حرمان الآلاف من المزارعين من الاستفادة من المنحة التي خصصت لهم؟.. لماذا الإدارة حريصة على أخذ قيمة التقاوى الخاصة بها أكثر من حرصها على مصالح المزارعين الذين تم تمويلهم من جهات أخرى؟
مجهودات الإدارة
متمنياً من إدارة مشروع الجزيرة أن تعادل ميزان الحق بين المزارعين وتعالج ما بالإمكان معالجته وخاصة أن نسبة التوزيع لم تتجاوز اـ(10)% من المطلوب حتى الآن، ومضى قائلاً: إذا أصرت الإدارة في المضي قدماً في نهجها الأحادي ومنعها لكثير من المزارعين الاستفادة من منحة بنك التنمية الأفريقي فهذا في تقديري سوف يؤثر على تنفيذ المنحة للعام القادم، وزاد ربما يؤدي إلى تعثر تنفيذها بسبب الاحتجاجات التي قد تصل إلى بنك التنمية الأفريقي من قبل المزارعين الذين حرموا من الاستفادة من المنحة، في الوقت ذاته أمن على المجهودات التي تقودها إدارة مشروع الجزيرة في المجالات الأخرى خاصة في ملف الطرق وفي مجال الهندسة الزراعية وبرنامج التحول الرقمي الزراعي وغيرها.
الخرطوم: علي وقيع الله
صحيفة اليوم التالي