مكي المغربي

ريسيبشن عالي المستوى!

مكي المغربي

من خلال خبرتي داخل وخارج السودان أن أهم مقياس لعظمة وأبهة ونجاح الدولة ديبلوماسيا هو الحضور المتنوع و عالي المستوى لاحتفال سفارتها بالعيد الوطني، وبالذات الحضور على مستوى السفراء الرصفاء من الدول المهمة.

اندهشت في العيد الوطني الهندي بالخرطوم بحضور قمم التمثيل الديبلوماسي، حيث لم تبتعث السفارات الشخصية الثانية أو الثالثة بل جاء رؤساء البعثات في الغالب.
أعجبني للغاية أنني رأيت دول التعاون الخليجي في تجمع عفوي مع بعضها، وتذكرت أيام وحدة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي، والحمد والشكر لله على عودة الوفاق.
طبعا للهند مكانة خاصة وتاريخية، وحاليا اقتصادية لدى أهل الجزيرة العربية.
إلى يساري حديث هامس بين جون غودفري و غيلز ليفير، سفراء أمريكا وبريطانيا، غيلز حضر ولديه اصابة في يدها، شفاه الله.
سعادة سفير مملكة اسبانيا، غونزالز، وهي دولة لديها مكانة خاصة، إذ انها المملكة الوحيدة التي التقيت ملكها وملكتها، ودار بيننا حديث. شيء جميل أن تلتقي البوربون بعد أن تقرأ عنهم في كتب التاريخ.
كل المجموعة الأوربية على مستوى السفراء، وكذلك الافريقية.
طبعا الغياب لديه اسباب، ومن المؤكد أن الحضور شبه كامل.
التقيت بالشخصية التي اقدرها جدا، بروف ابراهيم مضوي الرجل الذي محص النصيحة واهداها لقحت وحمدوك ابان حكمهم الانتقالي الاول، ولم يكترثوا لها.
لو اخذوا بنصائحه في الالتزام بحقوق الانسان والعدالة والقانون لما حدثت لهم وللسودان هذه الكوارث.
بالنسبة لي حديث الخبيرة الدولية قريتا فيرنر (في ورشة الاتفاق الاطاري حول تفكيك التمكين) اقرب لصدى صوت لحديث بروف إبراهيم مضوى قبل أكثر من عام أو عامين.
البروف، بوزنه العلمي وشجاعته في النقد كان نقطة جاذبة للحضور في الحفل عالي المستوى.
السيدة الوزيرة أحلام مدني كانت ممثلة حكومة السودان، وهذه ليست المرة الأولى التي أحضر لها حديثا، وكالعادة كانت واثقة ومرتبة، وسألت نفسي، عندما يتحدثون عن الكفاءات المستقلة الوطنية والبحث عنها كأنها غير موجودة، أعتقد أنه يظلمون ويجحفون في حق كفاءات حقيقية تتولى الآن مواقع ولا يوجد عنها أي حديث سلبي لمدة عام كامل، ونحن في توقيت -للاسف- الأصل هو الحديث السلبي.
أليس هذا دليلا كافيا على أن وزيرة مثل أحلام مدني يجب أن تستمر.
مما ذكرته الوزيرة أحلام نقطتين هامتين جدا في العلاقات الهندية السودانية، وحسب تجوالي في القارة الأفريقية، ذات النقطتين تتوفران في عدد كبير من الدول الأفريقية وليس السودان فقط.
الأولى .. وجود مجتمع هندي وجالية قديمة في مجالات التجارة والصناعة وأن هذه المجتمعات نجحت في توثيق وترسيخ الصورة الإيجابية للهند في أفريقيا.
الثانية .. يوجد في الهند حاليا 12 ألف طالب ودارس من السودان، وكذلك في العديد من الدول الأفريقية، توجد منح دراسية منتظمة منذ الستينات.
وقد رددت كثيرا من قبل، عندما بدأت الهند تنظيم هذه البعثات لم يكن وارادا من الأساس ان الدافع هو التنافس العالمي على أفريقيا، أو التكالب والتدافع نحو افريقيا، إذ لم تكن القوى المتنافسة موجودة في افريقيا بذات الحدة، لم تكن الصين قد دخلت في خطط (الحزام والطريق)، لم يكن الاتحاد الأوربي كتلة متماسكة، كانت أمريكا في العهد الذهبي وبزوغ المجتمع الاستهلاكي.
كان دافع الهند هو الأخوة الصادقة مع الأفارقة فقط لا غير.
ولهذا يوجد الآن أكثر من مئة ألف سوداني تخرجوا من الجامعات الهندية.
ويستمر النقاش في (الريسبشن) ومن هنا مبارك الفاضل ومن هناك مريم الصادق، وعدد من السياسيين من مختلف الاتجاهات.
السفير مبارك، سفير الهند في السودان، قرأ كلمته بالانجليزية ثم بالعربية، وبطلاقة مذهلة.
الكلمة شاملة وواعية وجزء منها عن رئاسة الهند لمجموعة العشرين، وقد شرحنا الفرص المتوفرة لافريقيا والسودان من هذه المسألة في مقال سابق يمكن الرجوع له.
كالعادة انتقيت من اناقشهم حول المستجدات، ووجدت أحد قدامى الخريجين من الهندسة في الهند، رجل الأعمال أحمد الأمام وهو ومجموعته من أعمدة صناعة البلاستيك في السودان.
وللغرابة حدثني عن توجه جديد دخل فيه وهو الزراعة المائية، وهي الزراعة في أنابيب واسطوانات مياه بدون تربة، الأمر الذي يمكن أن يتوفر في مساحة منزلية محدودة جدا.
Aquaculture أو Aquafarming
هذه الطريقة قد توفر كمية جيدة من الخضروات في (بلكونة شقة).
أما سطوح البيت كاملا فهو يعني الاكتفاء الذاتي.
سأزور مزرعة الباشمهندس إمام وأحكي لكم عنها، لكن ما رأيته من الفيديوهات من أوراق الخس اليانعة الخضراء الندية أمر مشجع للغاية.
الجميل جدا، أن الزراعة في مساحة ضيقة يسهل بها السيطرة والتخلص من الآفات بسهولة.
وإلى السيد رئيس جمعية الصداقه السودانية الهندية، السيد أبو عبيدة الصديق، وهو قادم لتوه من زيارة لولاية مدهيا برديش، وتحديدا مدينة أندور وهي أنظف مدينة في الهند ومن أنظف مدن العالم.
أيضا الفيديوهات والصور تحكي العجب العجاب.
كان يوما جميلا جليلا عظيم الفائدة.

صحيفة الانتباهة