:: لايزال وزير الإستثمار بالرياض لتكريم ( الراعي الأمين)، وهنا مستثمر آخر يشكي – ويحكي – لطوب الأرض ما حدث لإستثماره..فلنقرأ الحكاية المحزنة، ولكن – كالعادة – يجب تحذير المصابين بالسكري وأمراض القلب والمصران العصبي ب(عدم المواصلة)..سليمان أبوبكر، سوداني من أبناء وداي حلفا بالولاية الشمالية، ومن الذين إغتربوا بالسعودية قبل عقدين تقريباً..وبعد عقد ونصفه من الإغتراب، عاد سليمان – بحصاد الغربة – حالماً بمشروع إستثماري يجنبه آلإغتراب ويبقيه مع أهله بالوطن.. يمتلك سليمان أرضاً جنوب وادي حلفا ( على بعد 30 كيلو متر جنوب المدينة)، وهي تصلح للزرع والضرع..فكر في إستثمارها زراعياً وحيوانياً وتصدير العائد بحيث ينفع نفسه وكذلك (الناس والبلد)..!!
:: بهذا الحلم النبيل، زرع سليمان الأرض أعلافاً و ( آمالاً).. ثم قصد السلطات المسؤولة – بالولاية والمحلية – لتصدق له بالإستثمار في مجال (تربية المواشي).. وافقت وزارة الثروة الحيوانية بالشمالية على المشروع، وكذلك محلية وداي حلفا..لم توافق السلطات فقط، بل إلتزمت بالإشراف والرعاية بالتطعيم وغيره..وبعد هذا التشجيع، جهز سليمان حظائر المواشي حسب المواصفة المطلوبة، ثم وظف من الرعاة والعمال والزراع ذوي (الخبرة والأمانة)..ثم شرع في تجهيز المرحلة الأولى من المشروع، وذلك بشراء ( 42 رأساً) من العجول المهجنة، من مزارع بالكدرو وأخرى بشرق البلاد، وكان ذلك بتاريخ (أكتوبر 2011)..أكرر، المشروع جنوب مدينة وادي حلفا..!!
:: بعد شهرين من وصول عجول المرحلة الأولى إلى حظائر المشروع، وكان المستثمر سليمان بالخرطوم يتابع إجرءات المرحلة الثانية للمشروع، تفاجأ ذات صباح بمكالمة من العاملين بالمشروع : ( يا زول الحق عجولك، ناس البوليس صادروها)..ما بين مكذب ومصدق، غادر الخرطوم في لحظة المكالمة متوجهاً إلى وداي حلفا، ولكن لم يصل إلى وادي حلفا.. تفجأ بعجوله – بشحمها ولحمها وجلدها – في دنقلا أمام مباني شرطة مكافحة التهريب على ظهر ( عربتين)..ثم علم بالأمر الشرطي، حجز العجول لحين تبرئة صاحبها من (تهمة التهريب)..لقد بدأ المشروع ثم إكتملت حظائره ومرعاه تحت سمع وبصر – وبعلم وموافقة – كل السلطات الولائية والمحلية، ومع ذلك ( لا، دي عجول مهربة)، هكذا قالت الشرطة ..!!
:: إستنجد سليمان بتلك السلطات التي وافقت وتابعت كل مراحل المشروع، إسنتجدت بها لتنقذه وعجوله من (تهمة التهريب)، ولكن ردت عليه السلطات بالنص : ( لا، لازم القانون يأخد مجراه)، أي عليه إنتظار الحكم القضائي..تم حجز العجول بحظائر الشرطة بدنقلا، وكانت المحكمة بدنقلا، وكان سليمان ملزماً بقطع مسافة ( 450 كيلو متر)، شهرياً ليحضر (جلسات المحكمة).. وبعد عام من المرافعة، والصرف على المحامين، حكمت المحكمة لصالح سليمان، إذ برأته من تهمة تهريب العجول ، وكذلك حكمت على إدارة مكافحة التهريب بإسترجاع العجول إلى حظائرها..ولكن عند تنفيذ الحكم، تفاجأ سليمان بأن الشرطة ( باعت العجول)..نعم والله ، باعتها قبل الحكم القضائي وقبل أن تتبين إن كانت عجول تلك الحظائر التي تتوسط مزارع الأعلاف ( للتهريب أم للإستثمار؟)..!!
:: ثم تواصلت المحاكم..فالشرطة تسعى إلى ( إثبات التهريب)، وسليمان يسعى إلى إثبات الإستثمار ثم (التعويض)، ولم يعد يطمع في العجول التي (لحقت أمات طه)، قبل حكم المحكمة..كسب سليمان كل مراحل التقاضي، حكماً وإستئنافاً، وكل المراحل برأته من (تهمة التهريب).. وأخيراً، حكمت له المحكمة باستلام القيمة التي باعت بها الشرطة العجول قبل ثلاث سنوات.. (722 جنيه، قيمة العجل)، هكذا حكمت المحكمة..عندما حكمت المحكمة بتلك القيمة، كانت قيمة العجل تجاوزت في السوق (4.500 جنيه)..وحسب الأوراق والفواتير ذات الصلة بالتصاديق والحظائر والعجول والمزرعة والعلف والعمال والرعاة والمحاكم ومرافعاتها، تجاوزت خسائر سليمان ( المليار الجنيه )..ومع ذلك، حكمت له المحكمة بتعويض قدره ( 30 مليون وشوية)..غادر سليمان قاعة المحكمة إلى وادي حلفا، وهناك باع حظائر العجول، ثم غادر البلد..سليمان أبوبكر محمد سليمان، مستثمر سوداني منكوب من قبل حكومته و مقيم بجدة، هكذا اسمه و حاله وعنوانه، ربما يتفقده وزير الإستثمار بعد إنتهاء مهرجان تكريم (الراعي الأمين)..!!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]