الذي يعلمه رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد جيداً هو أن الذاكرة السياسية السودانية خربة تماماً حيث أن عامة الناس هنا يرحبون بالخارج ويتناسون كل الجراحات التي تسبب فيها ذلك الأجنبي لمجرد مرور قليل من الوقت ، ولمجرد القائه لبعض كلمات تأتي من قبيل المجاملة لتحرك مشاعر اهل هذه البلاد ..!!
أبي أحمد هو من أدخل بلادنا في هذا النفق المظلم، هو من جعلنا نعيش في فترة انتقالية مفتوحة ، هو من أضفى الشرعية على مكونين متصارعين على السلطة الانتقالية ولا هم لهما سوى الاستحواذ عليها دون شرعية..!!
أبي أحمد هو من أشرف على هذه الزيجة الفاسدة ونقل بلادنا إلى مرحلة العجز والفشل بسبب الاتفاق الذي رعاه وبموجبه تبددت أحلام الشباب ، الشباب الذين خرجوا على الحكومة الوطنية يطالبون بالحرية والسلام والعدالة ..!!
أبي أحمد هو من توسط لجمع الحرية والتغيير والمكون العسكري وأشرف على حياكة أفشل إئتلاف على امتداد التاريخ والجغرافيا، ولعب على مشاعر الشعب السوداني حينما احتفى مع أولئك النشطاء في قاعة الصداقة وجاء وهو يرتدي اللباس الأبيض وجعل امتنا تعيش في واقع لم تعشه ؛ فقد مزج بين مكونين فاشلين، ويعلم انهما اجتمعا للتآمر من أجل اختطاف السلطة الانتقالية في بدعة ليس لها من نموذج وليس لها من مرجعية فلأول مرة يسمع العالم عن شراكة بين العسكر والمدنيين بهكذا طريقة، لذلك كان عليه الإعتذار للشعب السوداني عن اشرافه على هذه الشراكة الفاشلة والمدمرة..!!
صفوة القول
رفض أبي أحمد قبول وساطة السودان في قضية حربه على إقليم التغراي في العام ٢٠٢٠ ، وارتدى لباس الحرب وقتل فيهم الآلاف بل سحقهم سحقاً ؛ فلم يتذكر وقتها خاطر السودانيون الذين قبلوا به حكيماً أفريقيا ليقبل وساطتهم في ازمة بلاده ؛ ولم يتذكر الآن ذلك الموقف المحرج للحكومة السودانية والخادش لكبريائها وعزتها ، فجاء بكل (برود) وتم استقباله بكل (حرارة) ؛ وتبين له أن هؤلاء لا يستحقون هذا المكان الذين يجلسون عليه ؛ لذلك حدثهم عن (الوطنية) وعن (الحوار السوداني السوداني) ؛ وحدثهم عن قيمة هذا البلد حينما وجدهم يجهلون ذلك ؛ دون أن يعتذر عن خطوته التي اوردت بلادنا مورد الهلاك والخراب، والله المستعان.
بابكر يحيى