“أنا معتاد على النقد والاتهامات بافساد غناء الآخرين، لأنني شخص مُجدّد في الأغنية السودانية، وفي النهاية انتصرت للتجديد”.
هكذا ابتدر الموسيقار يوسف الموصلي، حديثه رداً على اتهامه بالتجديد المخل في أغاني الفنانين محمد وردي ومصطفى سيد أحمد.
“الموصلي” تحدث في هذا الحوار عن علاقته بالثنائي الراحل، وتطرق لما يدور في الساحة الغنائية من شح في الغناء الرصين الخالد، إضافة إلى تنازعه بين الغناء والتلحين وغيرها من المحاور التي أجاب عنها الرجل بأريحية كبيرة.
دعنا نبدأ بأغنية (أرحل) للفنان محمد وردي، هنالك أحاديث تلمح إلى أنك أفسدت هذا الإلبوم وأن توزيعك خصم من هذا العمل، كيف ترى هذا الأمر؟
للأمانة أغنية (أرحل) كان بها عيب في الجانب الإيقاعي لكن أعتقد أن التوزيع الموسيقي لهذه الأغنية مهول وكبير حتى أن وردي نفسه اعترف به في لقاء مع صحيفة (الخرطوم) وقال إن يوسف الموصلي، مفخرة للموسيقى السودانية ودائما العمل المجدّد يُقابل بالنقد وهذا الأمر تعرض له معظم المجدّدين.
حينما وزعت البوم (خلي بالك) للفنان الراحل محمود عبد العزيز، توقعت عدم قبول الناس للأغنيات وقلت لمحمود: “حيدقوك بسوط العنج”
هل كانت هنالك تجارب مشابهة مع توزيع لفنانين آخرين تعرضت فيها للنقد؟
كما قلت لك أنا معتاد على النقد، حينما وزعت البوم (خلي بالك) للفنان الراحل محمود عبد العزيز، توقعت عدم قبول الناس للأغنيات وقلت لمحمود: “حيدقوك بسوط العنج” وإن العمل سيقابل بالرفض، لكن بعد مرور عام أعجبتهم الأعمال التي تعاونت فيها مع محمود وهو يملك صوتا جميلا.
هل يتدخل “الموصلي” في نص الأغنية نفسه بالحذف والإضافة أم يقتصر التعديل على الموسيقى فقط؟
لم أتدخل في تقديم وتأخير بعض المقاطع من أي أغنية تقدم لي ملحنة لأعيد توزيعها، مثلاً (أخوان الإنسانية) لمصطفى سيد أحمد، لم أتدخل فيها بتقديم وتأخير بعض المقاطع كما يشاع، بل إن صاحبها أعطاني النص كما هو ملحنا بالعود وقمت بتوزيعه ولم أتدخل بتعديل النص إطلاقا فأنا رجل أهتم بالموسيقى والتأليف.
قالوا إن الموصلي “خرب شغل مصطفى” والأخير رد عليهم بالقول “أنا أديت العيش لخبازه”
على ذكر الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد، كيف تقيم تجربتك معه في ألبومي (الحزن النبيل) و(البت الحديقة)؟
مصطفى كان طالبا في كلية الموسيقى والدراما ووقتها كنت أنا معيدا بالكلية ومع ذلك كان صديقي وهو يمتلك واحدا من أجمل الأصوات في تاريخ الأغنية السودانية وهو ما ميزه وأنا أعتبر أن صوته أسطورة، ومهندسو الصوت بمصر كانوا يشيدون بخامته لأنه قوي ونادر، مصطفى كان لديه إيمان قاطع بيوسف الموصلي كشخص متخصص في التوزيع الموسيقي بدليل أنه حينما اعتذر محمد الأمين عن ألبوم طفل العالم الثالث أخبرت مصطفى بأننا نحتاجه فقال (أي حاجة إنت فيها أنا معاك).
وبعد أن أنجزنا ألبوم (الحزن النبيل) لم يتدخل هو إطلاقا وهو شخص نبيه لم يجد صعوبة في تنفيذ ما طلبته على عكس بعض الفنانين السودانيين.
أما ألبوم (البت الحديقة) فكانت ترتيباته قد استندت على سفري لمصطفى بالدوحة حيث سجل أعماله بالعود فقط وعدت للقاهرة وقمت بتوزيع الشريط وتدخل بعض المتعصبين لمصطفى سيد أحمد وقالوا إن الموصلي “خرب شغل مصطفى” والأخير رد عليهم بالقول “أنا أديت العيش لخبازه” ورأيي أن هذا الفنان لم يتفوق على عثمان حسين أو محمد وردي أو محمد الامين في التلحين بل تميز بصوته وفهمه ووعيه السياسي.
كنت حاضرا على “قطيعة فنية” بين “مصطفى” والشاعر عبدالقادر الكتيابي، ماهي تفاصيل هذه الحادثة؟
صحيح هنالك أغنيتان للكتيابي قمت أنا بإهدائهما لمصطفى وهما (على بابك) (واغيب عنك) رغم أن الأخير كان على خلاف مع الشاعر عبدالقادر الكتيابي، بسبب أن “مصطفى” أخذ أغنية (لمحتك) من الفنان سيف الجامعة، دون إذن “الكتيابي” ومع ذلك أصر على أن يأخذ (على بابك) وقام بمصالحة الشاعر الكتيابي.
وجدت نفسي في مجال التأليف أكثر من الغناء وقررت أن أمنح موهبتي للناس
يوسف الموصلي متنازع بين الغناء والتأليف الموسيقي، أين تجد نفسك؟
قبل أن أدرس التوزيع الإحترافي للموسيقى أيقنت أن خيالي فيه سيقودني لاكتشافات وأعمال جديدة مختلفة بخلاف السائد، ووجدت نفسي في مجال التأليف أكثر من الغناء وقررت أن أمنح موهبتي للناس وتعاونت مع وردي ومحمد الامين وأبوعركي البخيت وغيرهم لتستفيد الأغنية السودانية، ولكن لم أترك الغناء حتى الآن.
لماذا لم يعد هنالك غناء جديد يجد صفة الخلود ويسكن وجدان الشعب؟
الغناء الخالد هو الغناء الذي كلما استمعت إليه فإنك تكتشف أشياء جديدة على غرار أغنية (مرت الأيام) التي أعتقد أنها لن تموت مع أن ملحنها لم يقدم سوى عملين فقط، وهي أغنية عظيمة مثل (الأغاني العذبة) و(هوج الرياح) وغيرها لأن من غنوها كانت لديهم رؤية مستقبلية على عكس الفنانين الحاليين.
أجرى المقابلة: عبدالله برير
صحيفة التغيير