صلاح الدين عووضة يكتب : وبعد!
ونبدأ بقبل..
فأدناه كلمة كتبناها من قبل… بالعنوان أعلاها..
الوسادة الخالية!
فللصبر آخر..
وله آخرة – أيضاً – مثل كل شيء في الوجود… وكل حي؛ عدا وجهه سبحانه..
وأيوب نفسه بلغ الصبر عنده نهايته… فاشتكى إلى الله..
وحين يبلغ الصبر بالناس الحد تحين ساعته… وتقوم قيامته… ويدفعهم إلى الحشر..
والحكومة حذّرناها كثيراً من عدم الرهان على صبر الناس..
عدم الرهان عليه إلى آخر مدى… إلى آخر نَفَس… إلى آخر جنيه… إلى آخر رغيفة..
فلا يُعقل ألا يكون لديها ما تقدمه للشعب سوى روشتة الصبر..
في حين أن لديها (كل) ما تقدمه لمنسوبيها الكثر….. بعيداً عن الصبر هذا..
لديها لهم الأسفار… والامتيازات… والإعفاءات… وراحة البال..
فما من مسؤول يشتكي من أي شيء؛ في حين أن المواطن يشتكي من كل شيء..
وبعد……………
هذه كلمة كتبناها أواخر عهد الإنقاذ… ولم تر النور بأمرٍ من الرقيب الأمني..
فما أشبه الليلة بالبارحة..
وما أتعس الصحفي حين يجد أن بعضاً مما كتبه بالأمس يصلح لليوم..
نفس الملامح والشبه… والمشية ذاتها وقدلته..
مع الاعتذار للشاعر… والمغني… والقراء… والأحرف… والقلم… وذاتنا..
فكل شيء كأنه هو… هو..
فقط تغيّرت السمات… والملامح… والأعذار… والأسماء… والمسميات..
وبقي البرود هو البرود… والانفصام هو الانفصام..
انفصام – بمنتهى البرود – عن الواقع… والناس… والسوق… والصفوف… والمعيشة..
ثم بقي الصرف البذخي – على الكبار – هو… هو؛ أيضاً..
النثريات… السفريات… المخصصات… المرتبات… الفارهات… وكل أوجه (الراحات)..
وحلّت عائشة محل ابن الميرغني..
فقد غضبت عند ضياع نثريتها المليارية مثل غضبه حين افتقاده فارهاته الرئاسية..
وحل كلٌّ واحد من الآنيين محل أخٍّ له من السابقين..
وحتى ثقافة (رفقة) الرحلات بقيت هي… هي؛ اصطحاب التافهين والتافهات..
ودونكم رحلة جوبا؛ و(عينة) كثير من رفقائها… ورفيقاتها..
ولا عزاء لذوي الشهداء… وذوي الرجولة من الثوار… وذوات الحشمة من الثائرات..
والداعون يتمايلون طرباً – وقرفاً – معهم… ومعهن؛ داخل الطائرة..
أو فلنقل (معهن) جميعاً؛ إذ أن مفردة خنثى تحتمل التأنيث..
ومثل أهل الإنقاذ بالضبط؛ هؤلاء لا يحسون… ولا يشعرون… ولا يبالون..
ولا تمس شعرة من ضمائرهم مثل كتاباتنا هذي..
فالسلطة عندما تأتي – ببهارجها – لمن هو ليس أهلاً لها تعمي بصره… وبصيرته..
فقادة الإنقاذ كانوا عمياً… صماً… بكماً؛ والخطر يقترب منهم..
رغم إننا كتبنا عن الخطر هذا من باب التنبؤ الصحفي..
وقادة اليوم هم أيضاً صمٌّ… بكمٌ… عمي؛ والخطر يطرق أبوابهم… ورؤوسهم..
خطر الانقلاب الناعم؛ وهم في (نعومتهم) يرفلون..
ولكن يبقى الفرق بين نهايتهم ونهاية أهل الإنقاذ أنها لن تقتصر عليهم وحدهم..
فإن خطرها سيعم؛ الثورة… والثوار… والناس أجمعين..
ولن يجد مختطفو الحاضنة السياسية – قحت – ما يحتضنوه قريباً سوى الأسى..
والوسادة الخالية..
وبعد…………….
هذه كلمة كتبناها في شهر نوفمبر من العام الماضي..
فهذا قدرنا؛ أن نكتب – منذرين ومحذرين ومتنبئين – فلا يقرأ من يعنيهم الأمر..
وما أشبه الليلة بالبارحة..
وما أتعس الصحفي حين يجد أن بعضاً مما كتبه بالأمس يصلح لليوم..
ومختطفو حاضنتنا على وشك أن يصدق فيهم توقعنا ذاك..
وهو ألا يجدوا ما يحتضنوه؛ قريباً… قريباً جداً..
بخلاف الذي كان عنواناً لرواية؛ ثم عنواناً لفيلمٍ عن الرواية ذاتها..
الوسادة الخالية!.
وبعد………….
ما أتعس الصحفي حين يجد أن بعضاً مما كتبه بالأمس يصلح لليوم..
ولليوم – يومنا هذا – نعيد… ونقول… ونكرر..
وغداً سوف نعيد أيضاً..
تذكّروا… تذكّروا جيداً؛ غداً سوف نعيد أيضاً..
وبعنوان كلمتنا هذه نفسها… بعد أن نشير إلى ما قبل..
وبعد!.
صحيفة الصيحة