زاهر بخيت الفكي يكتب: أما يكفي هذا يا علي..؟
من الجُملِ التي تعلّقت بذاكرتنا، يوم أن كانت الذاكرة مُتقدة، وفيها مُتسع للحفظ، تلك الجُملة التي أظهرت عُمق الشراكة ومتانتها بين (البشير والتُرابي)، بأن اذهب أنت للقصر رئيسا، وسأذهب للسجن حبيسا، هل مِنكُم من لم يذكُر هذه الجُملة، التي تقاسم بها القوم السُلطة، وما كُنّا نظُن بأنّ أطراف الشراكة سيُنكِرونها في يومٍ من الأيام.
كُنّا وقتها في سنٍ تسمِح لنا بفهم ما يجري حولنا، يومها ظهر العميد البشير في قناةٍ السودان التي يُتابعها كُل أهل السودان، وفي معيته بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة، وقالوا لنا بأنّ الانقلاب (عسكري) لا علاقة له بأي مجموعة سياسية مدنية، وكم كان الفرح بهم كبيرا، لا سيّما وتدهور الأوضاع السياسية والمعيشية في السودان، كان يحتاج إلى تغييرٍ حقيقي، رُبما تتبدّل به الأوضاعِ المأزومة، في بلادٍ أودع المولى في ظاهر أرضها وباطنها، كُل ما يُعين أهلها على العيش الكريم على ظهرِها، في زمانٍ لم تطالها فيه عداوات العالم بعد، وعند أهلها من نمولي لحلفا، ومن سواكن حتى الجنينة استعداد تام للتعايُش مع بعضهم البعض في سلام واستقرار، في حال أن توافرت الأدوات الجاذبة للوحدة.
ما من سبيلٍ لنسيان تلك الشراكة التي اعلنتموها يا علي عُثمان بعد استقرار البشير في السُلطة، والتي تكللت بعد خُروج التُرابي من السجن بمُشاركتِكُم العلنية فيها، إنّه تأريخ يا هؤلاء، ستجدونه مُدوناً وموثقاً في كُل مكان، لا يحتاج منّا ولا منّكم لاخفاء أو نُكران بعض تفاصيله، ولن نستطيع مهما فعلنا من حذف تلك الأقوال والأفعال التي وثّقت مُجريات تلك الأيام، لا سيّما ونحنُ في زمانٍ اصبحت فيه العودة للماضي الموثق (صورة وصوت) مُتاحة لمن يُريد، ولمن لا يُريد أيضا.
نفى على عثمان محمد طه، خلال استجوابه كمُتهم في الدعوي الجنائية مشاركته او تخطيطه او تنفيذه لانقلاب 1989 (الإنقاذ)، وأشار إلى أنّ الجميع سيتفاجأ بأنّه لم يلتقي بالرئيس المعزول عمر البشير منذ العام 64م اي بعد تخرجه قبله بعامين من الثانوية، إلّا بعد تقلده لمنصب رئيس الجمهورية، كما نفى طه في استجوابه في يوم الثلاثاء 24/يناير، مُشاركته في اي اجتماع بشأنِ الانقلاب مطلقا، مؤكداً بأنّه ووقت ليلة الانقلاب كان بمنزلهِ الكائن بالرياض الخرطوم.
لن يُكذِب الناس روايتك الخاصة بالانقلاب، فرُبما لم تُشارِك في الانقلاب وكُنت نائما، وهذه ليست المُشكلة، وبيننا من لم يُنكروا المُشاركة في الانقلاب وهُم اليوم أحرار، بسبب رحيلهم المُبكِر من المشهد، ولكن هل تستطيع نفي ما جاء على لسانِك في تلك الفيديوهات المُتاحة اليوم في كُل مكان، والتي أقررت فيها بأنكم أعدمتُم في يومٍ واحدٍ (28) ضابطا بسبب محاولتهم الانقلاب عليكم، أما يُعد هذا جُرماً يستوجب المُحاكمة والعقاب، وهذا وحده يكفي لاثبات مُشاركتكُ الباكرة في الإنقاذ، فاعدام الضُباط الأحرار كان في شهور الإنقاذ الأول
صحيفة الجريدة