محمد عبد الماجد يكتب: الاتفاق الإطاري (فشله) أفضل من (نجاحات) غيره

(1)
 عندما يكون الصراع بين أبناء الوطن الواحد أياً كان التناقض بينهم ، فان انتصار اى طرف على الاخر (خسارة) للوطن ، لأن أي انتصار قائم على (الخلاف) و(الدم) و (الرصاص) يبقى انتصاراً بلا قيمة ، حتى وان كان الطرف المنتصر هو الطرف (المدني) او (الشعبي). الطرف الخاسر هنا سوف يتحول الى (خصم) معيق لكل خطوات النمو والتطور والتقدم.
 كل الصراعات التي تدور في العالم بين أبناء الوطن الواحد لا تنتهي إلا عن طريق التفاوض والحوار والسلام.
 الحرب لا تؤدى إلا للمزيد من الخسائر حتى في الحالات التي تحقق فيها الانتصار.
 الوفاق والتفاوض والقدرة على التغلب على الطرف الاخر بالحوار والمنطق هو الامر الوحيد الذي لا عواقب بعده ولا خسائر فيه.
 لهذا نعتبر ان (الاتفاق الاطاري) هو الحل وهو المخرج، على الأقل هذا هو المتاح في الوقت الحالي – يمكن الانتقال بعد ذلك الى مربع اخر.
 اسقاط حكومة (الاتفاق الاطاري) إذا فشلت سوف يكون أسهل من اسقاط حكومة انقلاب 25 أكتوبر.
 حكومة الاتفاق الاطاري القادمة يمكن ان نحاسبها على (الفشل) وهي حكومة يملك الشعب نفوذاً كبيراً عليها – عكس الحكومة الحالية التي يعتبر (الفشل) سبباً في استمرارها وتشبث قادتها. الفاشلون في كل مجال أكثر تمسكاً بنظرياتهم وفشلهم من الناجحين.
 انظروا الى جبريل ومناوي .. فشلهما يزيدهما عناداً وجبروتاً.
 الفشل يولد العناد… والعناد لا عزيز لديه.
 بنظرة أخرى الحاكم (الديمقراطي) يمكن الإطاحة به في فترة قصيرة.. كما حدث مع كل الحكومات الديمقراطية.. وكما حدث مع حمدوك نفسه.. لكن الحاكم (الدكتاتوري) او (العسكري) في العالم كله الإطاحة به امر غاية في الصعوبة ولا يتحقق ذلك إلا بعد مشقة وعناء طويل وتضحيات عظيمة.
 نحتاج الى ثلاثين سنة أخرى للإطاحة بالبرهان بالكيفية التى اطحنا بها بالبشير.
(2)
 أقول دائماً ان فشل الحكومة الديمقراطية أفضل من نجاح الحكومة الدكتاتورية.. لأن نجاح الحكومات العسكرية يمنحها المزيد من الوقت والفرص للاستمرار والبقاء والقمع.
 في كل ازمة ومشكلة جزء (إيجابي) .. علينا ان ننظر الى النصف المليء من الكوب حتى في حالات الفشل والاخفاق.
 لا يوجد فشل مطلق.. كما هو الحال مع النجاح.. لا نجاح مطلق.
 المرض والابتلاء والفقر فيهم شيء إيجابي.. الصبر على هذه الابتلاءات فيه جزاء عظيم أكبر من الجزاء الذي يتمتع به من ينعمون بمعكوسات هذه الابتلاءات من افضال وانعام.
 علينا ان ننتقل الى مربع اخر، وان نبحث عن النقاط المضيئة التي يمكن ان تكون في هذا التدهور والتراجع الذي يعيش فيه السودان. يكفي اننا وسط كل هذه الانكسارات، ما زال الشعب السوداني صامداً ـ وما زال هذا الجيل يحمل آماله وتطلعاته لغد مشرق.
 الحكومة الانقلابية يمكن ان تمتلك القدرة في ان تجعل (حاضرنا) هذا قاتماً واسود ومؤلماً.. لكن الحكومة الانقلابية لا تملك تلك القدرة على تحديد (مستقبلنا).
 ليس هناك حكومة او جهة او أحد يمتلك القدرة على مصادرة احلامنا وتطلعاتنا نحو الغد المشرق.
 هذا هو النصف المليء من الكوب ـ علينا ان ننظر اليه ونتمسك به… نحن لا نملك في هذا العالم العريض غير (تطلعاتنا) – لا نملك غير (الاحلام).
(3)
 المحطة القادمة في السودان هي محطة (الاتفاق الاطاري) ، ليس هنالك خياراً غيره .. الذين يرفضون الاتفاق الاطاري ويعارضونه – مثل الحزب الشيوعي وحزب البعث لا يمتلكون غير (معارضة) هذا الاتفاق. هم لا يمتلكون (حلاً) ، لهذا علينا ان نجرب حلاً اخر بدلاً من ان نكتفي بالرفض.
 الرفض لن يسقط حكومة .. وكذلك البيانات والاعتراضات، والهجوم على الاتفاق الاطاري.
 الاتفاق الاطاري لو لم يمنحنا غير (الفشل) لكفانا منه ذلك .. لأنه سوف يكون بذلك حدد طريق (النجاح) وجعله (مساراً اجبارياً).
 دعونا ان نجرب (الاتفاق) .. عن طريقه سوف نحقق ما عجزنا عن تحقيقه عبر (الاختلاف).
 ان لم تقنع خصمك بالحوار والتفاوض والمنطق ولم تتغلب عليه بهذه الطرق المشروعة والسلمية لا تلوموه اذا اتجه الى خيارات ووسائل أخرى.
 المكون المدني يجب ان ينتصر لمدنيته بالسبل التي تدعم (المدنية) .. لن تتغلبوا على (العسكر) باسلحتهم.. سلاحكم الأقوى يبقى في السلمية والحوار والتفاوض .. بهذا جاءت الثورة وبهذا انتصرت وبهذا سوف تعبر إن شاء الله.
(4)
 بغم
 الانتصارات التي نحققها عن طريق الشعارات والمرارات لا تصمد كثيراً.
 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version