تحقيقات وتقارير

قصص مريرة وتجارب حقيقية: كريمات وخلطات وحبوب تسمين.. نتائج كارثية

قصص مريرة وتجارب حقيقية: كريمات وخلطات وحبوب تسمين.. نتائج كارثية

رجل دين: التفسُّخ وتغيير اللون طويل الأمد حرام.. مُحرَّم

علي بلدو: ما تنفقه المرأة السودانية على (التجميل) و(البياض) يكفي لإزالة ديون السودان الخارجية

تسببت الخلطة في تشويه وجهي ولا أنصح باستخدامها

طبية: الكريمات والخلطات تسبب مرض الشقريب ولا علاج له

صاحب عطارة: كريمات التفتيح الأكثر طلباً في السوق

منار: بعد استخدامي للكريمات زادت ثقتي بنفسي

حمدوك..فيسكا، صفق حليب، صفق ليمون، أورانج، كلنا عرب، كريمات شهيرة

تحقيق: مريم جبر

انتشرت بصورة واسعة في السودان ظاهرة استخدام الكريمات والحبوب لتفتيح البشرة ولزيادة الوزن، ولقد أدى الاستخدام الخاطئ للكريمات المحظورة إلى نتائج كارثية وتسببت بعض حبوب زيادة الوزن في وفيات وسط النساء، كما أحدثت خلطات التفتيح تشوُّهات خطيرة.

(الصيحة) أجرت تحقيقاً واسعاً حول تلك الخلطات والكريمات والحبوب، أنواعها مخاطرها ولماذا الإصرار على استخدامها؟

ندم

تقول السيدة (خ) لـ (الصيحة) إنها تشعر بالندم الشديد الآن، وذكرت أن الخلطة التي استخدمتها أدت إلى إحداث تشوُّهات في وجهها، وقصت (خ) حكايتها من كريم لتفتيح الوجه قائلة: بعض النساء في الحي أخبروني بوجود خلطة ممتازة للتفتيح وبالفعل ذهبت إلى بوتيك معروف واشتريت منه الخلطة وبمجرَّد أن استخدمتها بوجهي شعرت بنيران قوية ومُحرِقة وأصبح لوني أحمر وأدت الخلطة إلى سلخ وجهي تماماً ثم تحوَّل إلى اللون الأسود والآن أنا نادمة ولا أنصح باستخدام الكريمات المخلوطة. ومضت قائلة: هذه الخلطات تحتوي على بدرة تأتي من الخارج تكون حارة على الوجه وبها ماء نار .

تجارب مريرة

كما روت هذه السيدة لـ(الصيحة) عن تجارب مريرة عن استخدام حبوب التسمين رأتها في أقاربها، وقالت: قريبة لي تناولت حبوب الأحصنة بشكل مستمر إلى أن نالت مرادها وأصبحت سمينة للغاية فلم تتحمَّل قدميها وزنها الزائد ووصل بها الأمر إلى أن أصيبت بالسرطان وأصبحت تنصح الناس بعدم استخدام حبوب التسمين، وتحكي -أيضاً- أن أخرى استخدمت مشروب لزيادة وزنها وكانت تكثر من الشرب منه إلى أن أصابتها جلطة في الدماغ، وأضافت أنواع الحبوب، منها الفواكه وبت النوبة وهنالك الترمس والحلبة وأبو نجمة والفيل وندى القلعة، ومنها -أيضاً- كريمات موضعية .

وذكرت شاهدة عيان أن قريبتها أرادت زيادة حجم مؤخرتها باستخدام نوع معيَّن من الحبوب إلا أنها أصيبت بخلل في الهرمونات وحدثت الزيادة في جزء واحد فقط فأصبحت لا تخرج من منزلها.

رأي الطب

ولمعرفة حجم الأضرار التي تسببها خلطات وكريمات التفتيح تحدث لـ(الصيحة) طبيبة معالجة بمستشفى الجلدية في الخرطوم قائلة: حالات كثيرة تتردد علينا نتيجة استخدام خلطات تحتوي على الكرتوزون، وأن مضارها لا يقتصر على الجلد فقط، وقد يصل إلى ما وراء الجلد، ويمكن أن يؤدي إلى فشل كلوي. وقالت: معلوم أن الكرتوزن سيئ حتى عندما نضعه في الوصفات الطبية يكون بكميات معلومة وننظمه تدريجياً، فنحن لا نعلم الشخص يأخد بأي قدر، والكرتوزون نقسِّمه إلى أقسام، فنحن لا نعرف الكمية التي يضعها البوتيك أو نسبته نسبة الكرتوزون، أو أي كمية استخدمتها المريضة، والأمر يختلف بحسب الاستخدام للجسم كله أو للوجه فقط، ويحدث الضرر، كل ما زادت الكمية. وكشفت الطبيبة عن أنواع الكريمات التي تستخدم مثل: ميلانو وأورنج والصوفك وأماليكو، وذكرت أن الصوفك يستخدم في أمراض معينة مثل: الصدفية ويستخدم لفترة معينة وليس دائماً ولعمر معين وأجزاء من الجسم معينة، وقالت: عند استخدام هذه الخلطات والكريمات فإنها تزيل الطبقة التي تحمي الجسم من الأضرار الخارجية، فيكون عرضة لأي مرض، والجلد هو الجدار الحامي للجسم، وإذا لم يعد موجوداً فيكون المستخدم عرضة لسرطان الجلد، كما يسبب مرض الشقريب ولا يوجد له علاج حتى الليزر لا يخفيه، بل يخففه وتأتي بعض الحالات ببقع في الجلد، كما أنها تسبب حروق وإحمرار بسبب الخروج في الشمس أثناء الاستخدام للكريم فيؤذي (يضرب) الوجه، حيث لا تضع التي تستخدمه واقي شمس مع أنه شئ أساسي حين التحرُّك تحت الأشعة الضارة فيعمل حروقاً ويزيد السمار سمرة.

وقالت الطبيبة في حديثها لـ (الصيحة) إنهن يستخدمن -أيضاً- دواء الهيدروكينون ويساعد على تقليل صبغة الميلانين في الجلد، والتي تمنح الجلد لونه المميز، مما ينتج عنه أعراض جانبية، وهي مقاومة الجسم للمادة الفعالة نفسها، وحساسية الجلد نتيجة التعرُّض لضوء الشمس، والحساسية الناتجة عن المادة الفعالة نفسها، والتي تظهر في شكل إحمرار الجلد، التورم، الوخز، تنميل.

أكثر سيطرة

صاحب عطارة، قال إن كريمات تفتيح البشرة هي أكثر السلع سيطرة على سوق المستحضرات التجميلية وغالبيتها لا يوجد بها بلد منشأ، ولكن تطلب بصورة كبيرة من قبل الفتيات، ومن هذه الكريمات فيسكا فيسكا، صفق حليب، صفق ليمون، أورانج، كلنا عرب، دبل أورانج،تريتوسبوت، سمرات، اسكن، بلانس،ميلانو فري، حمدوك، بيور وايت، اكرتين واسكنورين.

نماذج حيَّة

وفي جوله استطلاعية أجريتها مع مجموعة من مستخدمات الكريمات والخلطات، قالت نضال إنها استخدمت تركيبة وظهرت عليها منذ اليوم الثاني خربشات وجروح في الوجه ذهبت فوراً إلى طبيب، وقال لها هذه التركيبة عملت لها بكتيريا، وقالت: إن سبب استخدامها كان إزالة الكلف لكنها الآن تستخدم بديل بالأعشاب، وقالت إنها لا تنوي أن تخطئ مرة أخرى.

وذكرت سناء أنها بدأت تستخدم الكريمات منذ أن دخلت الجامعة ولا تستطيع تركها بسبب أنه يعجبها شكلها عندما تستعمله رغم الحروق التي سببتها لها، وقالت إنها الآن تستخدم كريم أبرد وأقل ضرراً من السابق .

وقالت منار، إنها منذ أن استخدمت هذه الخلطات زادت ثقتها بنفسها وأصبحت ترى نفسها أجمل حيث كانت تعاني من قبل بقلة الثقة بالنفس.

رأي نفسي

وفي هذا الإطار يقول الدكتور علي بلدو، استشاري الطب النفسي والاجتماعي لـ(الصيحة): إن ما تنفقه المرأة السودانية على التجميل والبياض يكفي لإزالة ديون السودان الخارجية من واقع استقطاع مبلغ من دخله على التبيض والتسمين وأن الرجل السوداني هو المسبب الأساسي على إدمان الجمال على معظم الفتيات السودانيات من واقع العين الطائرة لمعظم الرجال، وهذا مايدعو الفتيات بالشعور بالخوف والتوجس من فقد الزوج أو الخطيب أو عدم الحصول على الفرصة للتوظيف أو الحصول على فرص عاطفية من واقع النظر النمطية للشابة الجميلة، وهذا يدفع الكثيرات جدًا للولوج إلى إدمان الجمال والذي أصاب حوالي ٩٠ بالمئة باستخدام الكريمات والحبوب وما شابه. ويمضي المختص النفسي ويقول: إن الآثار الجسدية لا يمكن حصرها من الفشل الكلوي وتفسُّخ الجلد والسكتة القلبية، إضافة إلى السرطان، والرغبة الشديدة في التعامل مع هذه المنتجات رغم خطورتها بدون إرشاد طبي، بجانب الآثار النفسية الأخرى كالشعور بالاكتئاب والشعور بالقلق والتوتر والأرق والأمراض النفسية، كما تقود -أيضاً- إلى الإدمان على بعض الحبوب المساعدة على التسمين أو التفتيح أو تغزير الشعر وهذا بدوره يجعل شعار المرأة السودانية -حالياً- أن أموت بيضاء خير لي من أن أعيش سمراء أو خضراء، والذي انعكس على واقعها الجمالي وأوقع بها في إدمان الجمال والذي هو في تصاعد مستمر. وعن المعالجات لهذه المشكلة يقول علي بلدو، إنها تتطلب الوعي والإرشاد وأن تعلم الفتيات أن استعمال هذه الأشياء بدون أي إشراف طبي يقود إلى هذه المشاكل النفسية والجسدية وأخطر ما في الأمر أنها تؤدي إلى اضطرابات حادة جداً قد تحدث في أيام الزواج الأولى، حيث تؤدي هذه الأشياء إلى زوهان أو اضطرابات نفسية حادة للمرأة خلال الأيام الأولى وهذه تؤدي إلى خوف شديد وقد تؤدي -أحياناً- إلى القتل أو الانتحار أو الهروب. وأصبح هذا الذهان يصيب حوالي اثنين من كل عشر زيجات بسبب هذه الكريمات وبهذا يمكن أن نقول: إن من الجمال ما قتل.

رأي دين

يقول الداعية المعروف محمد هاشم الحكيم: خلق الله عز وجل الإنسان في أحسن تقويم، قال تعالى (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) والله تبارك وتعالى منع الإنسان بأن يضر نفسه فقال (ولا تَقْتُلُوا أنْفُسَكم إنَّ اللَّهَ كانَ بِكم رَحِيمًا) وقال (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة أن تتجمل خاصة لزوجها وبالتالي تبحث المرأة منذ نعومة أظافرها عما يحسِّن هيأتها ومظهرها ولا بأس أو حرج في ذلك، لكن التجميل له ضوابط منها بأن لا يكون منها بشئ محرَّم وأن لا يكون بشئ يضر (لا ضرر ولا ضرار) فإذا كانت الأشياء المستخدمة للتجميل فيها ضرر على الإنسان فيحرَّم استخدامها وهذا الضرر يحدِّده الطبيب الحاذق العاقل وبالتالي فإنه لا يجوز للإنسان بأن يضر نفسه ليجمِّل خلقه، كذلك الضابط الثالث في قضايا التجميل أن لا يكون تغييرًا لخلق الله، وقد قال صلى على عليه وسلم (لعن الله المتفلجات للحسن المغيرات خلق الله)، أما إذا كان إزالة لضرر أو تشوُّه ولد الإنسان به أو تغيير في اللون نتج لمرض أو مشكله كيماوية أو كلف أو غيره فلا حرج لإعادة الإنسان لوضعه الطبيعي. ويضيف الحكيم قائلاً: أما قضية التجميل والتجمُّل فلا حرج على الإطلاق، بل هو شئ محمود تأجر عليه إن شاء الله, قال تعالى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) وقال المفسِّرون: إن ما ظهر منها، أي الوجه، فلا حرج من التجميل، لكن وفق الشروط أعلاه إذا كان تلميع وتنظيف ليس به حرج. ويواصل الحكيم حديثه بقوله: أما تغيير اللون بالكريمات والخلطات فهو على أنواع، أما أن يكون تغييراً دائماً وهذا حرام، محرًّم وإما أن يكون تغيير طويل الأمد مثل الحقن التي تستمر لشهور فأيضاً هي محرَّمة، أما الأشياء الوقتية التي تستخدمها المرأة لتزيد جمالاً من غير تغيير للخلقة ليس فيها حرج، أما التفسخ الظاهر المعروف الذي تضطر المرأة لقشط وحرق جلدة وجهها فتصبح كأنها حمراء اللون وبعد فترة يبدأ اللون في التغيير هذا كله يحرَّم لأنه ضار و مُضر .

ويضيف: أما الطامة الكبرى هي أن الرجال بعضهم للأسف دخلوا في هذه الأشياء خاصة نجوم الفن والإعلام بدأوا يستخدمون هذه الأمور بنفس هذه الكيفية وهذه الطريقة فتنطبق عليهم نفس الأحكام مع وجود حكم آخر وهو لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، وعلى الرجل أن يكون خشناً فقد كتب القتل والقتال علينا، وقد جاء في الأثرعن عمر ابن الخطاب اخشوشنو فإن النعمة لا تدوم.

صحيفة الصيحة