بخاري بشير يكتب: السودان والأقطان.. قرارات مفيدة!

كانت في السابق مجالس الإدارات الخاصة بالمشروعات الكبيرة، تسير العمل جنباً إلى جنب مع الوزير المعني بالمشروع، وكانت من أصحاب (خبرات مقدرة) لهم إسهامهم الوطني، حدث هذا في مشروع الجزيرة، وفي الصمغ العربي، وصناعات السكر.. لذلك كانت النتيجة دوماً هي تحقيق أرباح عالية بعد التوسعات المدروسة اضافة لتجهيز وترتيب المطلوبات والأولويات .
بالنظر الى موضوع الاقطان وشركة السودان للاقطان على وجه التحديد الذي صدرنا به عنوان هذا المقال، نجد أن (محصول القطن) لم يحدث فيه تطوير لفترة طويلة، وتراجع هذا القطاع الا من بعض الاشراقات التي لم تعمر طويلاً، وذلك عندما تدخلت نوعيات جديدة من القطن في فترة حكم الانقاذ، وحققت إنتاجية عالية، وهي النوعيات التي عرفت بالقطن (المحور) ، وهي التي واجهت في وقتها انتقادات لاذعة، إلا أن الناظر اليوم للمشروعات الخاصة بهذا المحصول، الذي كان في السابق من أكبر الروافد التي تدر (العملات الأجنبية) للخزينة العامة.. يجد أنها مشروعات دون الطموح، بل يجدها قد تراجعت للحد الكبير، وذلك يرجع لأسباب عديدة من بينها عدم استخدام التقانات الحديثة للزراعة، بالاضافة لارتفاع مدخلات الإنتاج بصفة عامة، التي كان لها تأثيرها الكبير على القطاع الزراعي، فضلاً عن التراجع الذي حدث في قطاع المحالج الخاصة بالقطن، وتلك قصة اخرى، تحتاج لبحث ومراجعة، وتحديث، حتى تعود سيرتها الاولى، وتقول بعض الإحصاءات أن هناك عدداً كبيراً من المحالج أغلقت لأسباب مختلفة.
وزيرة التجارة السيدة آمال صالح نجحت في تكوين (مجلس تسيير) من مزارعين أصحاب خبرات لمجلس إدارة شركة السودان للاقطان، ولعمري هو قرار صحيح لكنه تأخر كثيراً، وفي البال ما يمكن أن يحدثه هذا المجلس في مجال زراعة القطن، ومراحل حلجه المختلفة.. ومن المتوقع أن يتحمل هذا المجلس جزءاً من مسؤولية التخطيط ووضع الاستراتيجيات، ليكون يداً يمنى للسيد مدير الاقطان، خاصة أن العام الماضي شهد تدهوراً في زراعة القطن، وربما جاء تكوين هذا المجلس دافعاً لزيادة المساحات من القطن، وكذلك زيادة الإنتاجية وزيادة التأهيل واستيراد المدخلات والنهوض بزراعة الاقطان وتطويرها ووقف التدهور الذي عانت منه طويلاً.
إن اكبر الفوائد المستخلصة من اختيار وتكوين هذا المجلس، ربما تعود في تأهيل محالج شركة السودان للاقطان، التي تعيش حالة من الركود والاهمال بسبب الاحتكار للمحالج الصينية التي تعمل بصورة غير جيدة واحياناً تعاد شحناتها.
مجلس الإدارة الجديد بالتأكيد سيكون رافداً مهماً يعين المدير العام ويقدم له المشورة والرأي، خاصة في موضوع تأهيل المحالج التي تراجعت، وهي بحسب المعلومات محالج ممتازة وقوية جداً، وكفاءتها عالية، فقط تحتاج للصيانة والتأهيل المستمر، وقد تعرضت لايادي المعوقين والمخربين في فترات سابقة.
ما تحتاجه زراعة الاقطان، بإدخال قيمة مضافة إليها بتأهيل هذه المحالج، ليس بالشيء المستحيل، ويمكن أن يعود (الذهب الابيض) كما كان يسمي في القريب العاجل كواحد من أهم روافد الاقتصاد السوداني كما كان في السابق، وافضل.. وذلك لن يتم إلا بإرادة قوية، واختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، وأتوقع أن يكون اختيار مجلس الإدارة الجديد الخطوة الأولى المهمة في هذا المشوار.

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version