أو ضياع القلوب..
سواء تلك التي في الجحور… أو البحور..
أو التي في الصدور..
ولقلبي مع مثل هذا الضياع للقلوب – في كلمتنا هذه – قصصٌ ثلاث..
أما في الحياة فالقصص تدمي القلب..
فأهرامات الجيزة لم أزرها سوى مرة واحدة..
ولكنها تعادل عشرين مرة من حيث الصرف السياحي..
فالواد الذي يدلك على الحنطور السياحي عاوز حقه..
وبتاع الحنطور نفسه – الذي يجول بك وبقلبك – عاوز حقه..
والحاج الذي يقول لك هذا هرم خوفو – وذاك خفرع – عاوز حقه..
والدليل السياحي الذي ينزل بك إلى تحت عاوز حقه..
ثم بعد أن ينثقب قلب جيبك تجد أنك لم تخرج بأية معلومة مفيدة..
غير أنك في قلب الجحور… والأحجار..
أو قلب الهرم!.
وفي بداية فيلم تايتانيك يتم البحث عن ماسة نادرة؛ غرقت مع السفينة..
وبعد بحث مضنٍ يُعثر على صاحبة الماسّة عوضاً عنها..
وتحكي لفريق البحث قصة ماسةٍ ثمينة – ونادرة – اسمها قلب المحيط..
وينصت لها رئيس الفريق باهتمام شديد..
فهو بعد الصرف الخرافي هذا لا يهمه سوى الماسة..
ولكن كي يصل إلى قلب الحدث عليه أن يصبر على ثرثرة العجوز..
على اجترار ذكرياتها مع التايتانيك..
ومع خطيبها… ووالدتها… وحبيبها جاك..
ثم يكتشف – بعد وجع قلب – أن قلب المحيط ليست في السفينة..
وإنما هناك؛ بعيداً هناك..
في قلب المحيط!..
والمستثمر الحصيني يعبر الحصون من بلاده؛ لتشييد قلب العالم في بلادنا..
وكان ذلك قبل أعوامٍ خلت..
حصون الماء… والرسوم… والإجراءات… والبيروقراطية… وشهوات القلوب..
لتشييد القلب هذا على جزيرة مقرسم الساحلية..
والتي لا يسكنها حتى الجن الأزرق؛ ولا الأحمر ذاته..
وبعد أن يصرف دم قلبه يُعطَّل قلب العالم بذريعة احتجاج الأهالي..
ثم يُعاد إليه مرة أخرى بعد اكتشاف خلوها من السكان..
ثم للمرة الثانية يُقال له: معليش يا حبيب… والله لقينا فيها سكان… وزعلانين..
ثم يُقال له: لا خلاص تعال؛ استلم وابدأ..
ثم يُفاجأ بتحويل فكرة المشروع إلى مستثمرٍ آخر..
مستثمر اسمه دياب؛ لم يجعل عالم الاستثمار ببلادنا له من قبل سميا..
فقد ظهر من قلب العدم ليقول إنّ الجزيرة ملكه وحده..
وإنه استأجرها – جزيرة مقرسم هذه – لمدة عشرة أعوام..
طيب استأجرتها مِن مَن يا دياب؟..
قال: والله استأجرتها من الإدارة العامة للحياة الفطرية..
هل منكم من سمع بمثل هذه الإدارة أبداً؟..
المهم إنه صار المالك الرسمي لجزيرة كانت ستضحى قلب العالم..
ولا ندري ماذا سيفعل فيها – وبها – بعد أن آلت إليه..
هل سيصرف عليها – كما كان سيفعل الحصيني – ليجعل منها قلب العالم؟..
ليجعل منها جزيرة سياحية… ذات صرف سياحي؟..
أم لن نجد عليها حتى الصرف الصحي؟..
والآن – وبعد كل هذه السنوات – أين دياب؟… فص ملح داب..
ولا ندري ما حل بجزيرة مقرسم..
ولو كان وافق على مشاركة الحصيني لقلنا خيرك مقسم يا مقرسم..
بدلاً من شرك مقسم..
وضاع مشروع قلب العالم..
كما ضاعت فلوسي في قلب الهرم..
وكما ضاعت ماسة قلب المحيط… في قلب المحيط..
في قلب الندم!.
صحيفة الصيحة