رمى رئيس المجلس السيادي القائد العام للجيش البرهان لدى مُخاطبته مهرجان الرماية 56 الذي أقيم بمدينة الدمازين حاضرة إقليم النيل الأزرق أمس عدة رسائل قصد منها بث تطمينات لقواته بأنه ما دام على قياداتها لن يقدم تنازلات تقصم ظهرها وأن الاصلاح الأمني والعسكري لن يكون خصماً عليها، أما الرسالة الأخرى فكانت لقوات الدعم السريع بشأن التدخلات في دولة جارة.
بالنسبة للمدنيين طالب البرهان بضرورة ابتعاد السياسيين عن الجيش قائلا “ليس هناك شخص قادر أن يفكك الجيش ومسؤوليتنا أن نحافظ على قواتنا المسلحة، وعلى السياسيين أن ينشغلوا بترتيب صفوف أحزابهم، ونحن قادرين أن نضع الجيش في الطريق الصحيح ونريده أن يؤمن بالتحول الديمقراطي”.
وبدا البرهان متشدداً حاشداً كثير من العبارات المجانفة والتي تصلح لتعبئة القوات في مثل هذه المقامات ، ولكن قد لا تكون هذه العبارات مناسبة في الاطار السياسي الحالي طبقاً للاتفاق الاطاري كما أنها ترفع عقيرة المظان بأن القوات المسلحة ترفض الاصلاح الأمني والعسكري من قبل السياسيين وهذا مؤشر مبكر لنسف الاتفاق ولا تكفي تطمينات البرهان هنا بحرصه عليه باعتباره المخرج الوحيد لحل الأزمة السياسية الراهنة .
في الرسالة الثانية نفى البرهان إرسال الجيش مقاتلين لبعض دول الجوار بغرض زعزعة استقرارها وعزز ذلك بقوله: (نعمل للمحافظة على أمن واستقرار جيراننا، والسودان لم يقم في أحد الأيام بتجنيد مرتزقة للقتال في دولة أخرى، نحن جيش محترف وملتزم بالنظم والقوانين، ولا ينبغي لأحد التفكير بأننا أرسلنا أشخاصا لدولة ثانية ليحاربوا هذه ليست شيمنا).
وتناقض تصريحات البرهان ما قاله نائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” الذي كشف مطلع يناير الجاري عن إحباط مُخطط يهدف لتغيير النظام الحاكم في دولة إفريقيا الوسطى انطلاقا من الأراضي السودانية وتحدث عن امتلاكه معلومات تثبت تورط جهات مؤثرة في الحكومة مُعلناً إلقاء القبض على بعضهم.
الرسالة الثانية هي الأكثر خطورة ولو كان يعني البرهان من خلال التلميح الرد على نائبه حميدتي في أمر جلل هكذا فلماذا لا يحاسبه على هكذا تصريحات ؟.. هنا يأتي دور السلطة المدنية فلو كان هناك مجلساً تشريعياً لإستدعى قادة القوات وتقصى في مثل هذا الأمر ، ووصل لنتائج من خلال المساءلة المستعجلة ، لأن مثل هذه القضية تمثل اختراقاً للأمن القومي السوداني ، ولذلك قبل أن يوجه البرهان رسائل للمدنيين والسياسيين بتجاوز خلافاتهم عليه ونائبه الكف عن الحديث (علناً) في معلومات تصنف عند أجهزة المخابرات ليس في درجة (سري للغاية) وإنما (محظور مكتوم) . .
من المؤكد أن الظرف الذي تمر به البلاد دقيق ولوسأل (يافعاً) في الشارع لشخص الوضع بالمزري وقابل للانفجار.. وفي المقابل لا حل غير الحكم المدني الكامل ..فهل يتواضع الجميع ويضعون (الكورة واطا) من أجل سودان موحد؟.
صحيفة الجريدة