تقيم الجاليات السودانية في المهجر، احتفالات وطنية سنوية على مستوى أوطانهم البديلة تخليداً لهذه الذكرى العظيمة (الاستقلال)، حيث تقيم استعراضات واحتفالات شعبية بهيجة وجميلة جداً، وترافقها بعض الاحتفالات الرسمية كرفع العلم السوداني وإطلاق طلقات نارية وأناشيد وطنية وتجسيد البطولات وبث برامج تلفزيونية وإذاعية باللغتين العربية والإنجليزية، وقد شهدت أمس الأول احتفال مدرسة النادي السوداني الأمريكي بفلادفيا بالذكرى الــــ٦٧ للاستقلال المجيد، وقد قدم تلاميذ المدرسة عروضاً بهيجة نالت رضاء الحاضرين والمشاهدين.
ودرجت معظم الجاليات في المهجر، وعلى رأسها مدرسة النادي السوداني الأمريكي ومدرسة شمال شرق فلادلفيا لأمريكا، على تنظيم يوم لعيد الاستقلال هو تاريخ من كل عام تحتفل فيه الدولة السودانيه بمناسبة مرور أعوام على الاستقلال أي التحرر أو استعادة الحرية من استعمار أجنبي أو وصاية خارجية، وهو تذكير للأجيال الناشئة بمدى معاناة الآباء من أجل الحصول على الحرية وغرس روح المواطنة وحب الوطن في قلوبهم وربطهم بتاريخ وطنهم الأم وتزويدهم بمعلومات وتاريخ بلادهم.
وقد بذل المعلمون والمعلمات في المدرسة، جهوداً كبيرةً لإخراج الاحتفال بشكله الذي شاهدناه وتربط بين التعليم والثقافة علاقة تكاملية، فهما سوياً يلعبان دوراً جوهرياً في إطلاق الطاقات والإبداعات وتعزيز الكفاءات والارتقاء بالمجتمعات، عبر تنمية أجيال متعلمة ومثقفة تعي أهمية الاثنين معاً. والمنظومة التعليمية الصحيحة التي تهتم ببناء شخصيات أجيالها، تقدّم بالضرورة قسطاً من الثقافة للتلاميذ على مدار سنوات دراستهم، إلى جانب المعارف الأخرى؛ فالمجالات الثقافية والإبداعية تشكّل عنصراً مهماً في تكوين شخصية الإنسان الحضاري الواعي لما حوله، والقادر على مُواجهة المشكلات وابتكار حلول لها.
إنّ الاحتفال بالاستقلال فرصة لتسليط الضوء على أهمية تضمين الثقافة والفنون في التعليم، مع تأكيد أهمية تطوير التعليم والتدريب، كمفتاح لازدهار المواهب الناشئة وبناء الجيل القادم من المبدعين. ويمكن القيام بذلك ضمن المنظومة التعليمية عبر تضمين الثقافة في المنهاج التعليمي ومن بين معلمات المدرستين من لهن خبرة طويلة في مجال التعليم.
وأيضاً، سوف تقيم مدرسة النورث ايست فيلي في السابع من يناير، احتفالاً بعيد الاستقلال المجيد، ونعلم أن الاحتفال بعيد الاستقلال بالنسبة للأجيال التي نشأت بعيداً عن الوطن الأم كرؤى شقيفات وزميلاتها اللائي أبدعن أمس هو تراث أجداد وهو ذاكرة الأمة، بمعنى الكنز غير القابل للاندثار، وإكسير البقاء وروح الاستمرار، وهذا الاستلهام للتراث الحي، وبقاؤه نابضاً، يمثلان رافعة ودافعة لمسيرة البناء الراسخ في الحاضر، فهو يُشكِّل هوية المجتمع، ليس تعريفاً به فقط، بالتعبير المجازي، بل لكونه وجوداً متحققاً بإنجازات ما زالت شاخصة تجعله جديراً بأن يمتد عبر الأجيال وصولاً إلى الحاضر والمستقبل، وباعتباره خلاصة سيكولوجية وسلوكية لإيقاع حياة كاملة، مازالت تجد حيِّزها المؤثر في اللُّحمة الاجتماعية تجمعها وتضخ فيها طاقة مضافة للحفاظ على الهوية الوطنية.
وقد أبدع أمس المايسترو مروان عمر جنقي في ضبط إيقاع الموسيقى والصوت والكل كان مع الحنين إلى الوطن، وغداً وطن معافى يسعنا جميعاً ويسع جميع أبنائه، والتحية للأستاذ بابكر طه ورفاقه الذين دائماً الوطن حاضرٌ بينهم، وتعظيم سلام لمدرسة النادي السوداني الأمريكي أساتذة وطلاباً، لجهدهم العظيم وسهرهم المتصل لإخراج يوم وطني حافل.
صحيفة الصيحة