السودان يعلن تحقيق أعلى إنتاج للذهب خلال 2022
أعلنت الشركة السودانية للموارد المعدنية، اليوم الإثنين، تحقيقها أعلى إنتاجية للذهب في تاريخ قطاع المعادن في السودان خلال العام المنصرم 2022.
وقال مديـر الإدارة العامة للإشراف والرقابة على شركات الإنتاج، علاء الدين محمد علي، إن نسبة الإنتاج من معدن الذهب للعام المنصرم بلغت 18 طنا و637 كيلوغراما من إنتاج القطاع المنظم من شركات الامتياز وشركات معالجة مخلفات التعدين التقليدي.
وأكد أن الإنتاجية التي تعد الأعلى في تاريخ الشركة السودانية للموارد المعدنية زادت بنسبة طن واحد و611 كيلوغراما عن أعلى إنتاج في الفترة الماضية، الذي تحقق في العام 2019، والبالغ 17 طنا و26 كيلوغراما.
ورغم الإنجازات الكبيرة التي ظلت تعلنها الموارد المعدنية، إلا أن عائدات إنتاج الذهب ظلت بعيدة عن رغبات المواطنين، في الوقت الذي يعاني فيه مواطنون لتوفير لقمة العيش في معاشهم اليومي.
وسبق أن كشفت الشركة السودانية للموارد المعدنية معلومات تفصيلية عن قطاع التعدين بالسودان، وقالت إن إنتاج الذهب في النصف الاول من العام المنصرم 2022 بلغ 15.28 طنا، أنتجت شركات الامتياز 3 أطنان و64 كيلوغراما منها، وأنتجت شركات معالجة مخلفات التعدين التقليدي 6 أطنان و9 كيلوغرامات، في حين بلغ إنتاج التعدين التقليدي 5 أطنان و55 كيلوغراما.
يشار إلى وجود قطاع آخر للتعدين عن الذهب، وهو الأهلي أو التقليدي، وهو الأوسع انتشاراً ويساهم بنحو 75% من الإنتاج الإجمالي للسودان من هذا المعدن النفيس، لكن الدولة غير قادرة على السيطرة عليه وتطاوله عمليات التهريب.
وينتج السودان بين 95 – 100 طن سنوياً من الذهب، ولكن لا يدخل الخزينة العامة أكثر من 30 طنا، وباقي الكميات يجرى تهريبها إلى الخارج.
ويشير مراقبون للوضع الاقتصادي إلى أن السودان يمكنه تحقيق عائدات لا تقل عن 5 مليارات دولار في العام، لو تمكن من السيطرة على مورد الذهب. وسيكون هذا المبلغ كافياً لتغطية العجز التجاري السنوي في البلاد، الذي كان في حدود 3.77 مليارات دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المنتهي، وفقاً لموقع تريدينج إيكونوميكس.
ومع التراجع المستمر في الوضع الاقتصادي وتوقف التمويل الدولي بسبب التوترات السياسية في البلاد، تمثل زيادة إنتاج الذهب بارقة أمل لتحسين معاش المواطنين وكبح الغلاء الطاحن.
ومنذ سنوات، ظهرت ثروة التعدين في البلاد لتصبح ركيزة مهمة في الاقتصاد بعد الزراعة والنفط، ليعول عليها في ترميم ما فقده السودان بعد انفصال الجنوب، لكن هذا ما لم يحدث على مستويات التنمية والصحة والتعليم، بل ساءت الأحوال أكثر مما كانت سابقاً، غير أن مسؤولين في القطاع يصفون ما تحقق في إنتاج الذهب بالإنجاز، دون أن ينعكس ذلك على حلحلة ومعالجة قضايا وهموم المواطن والوطن.
وأكد مدير مشروع سوق المال والمعادن الطيب الجعلي ارتفاع صادر الذهب من 14% من جملة صادرات السودان، قبل انفصال الجنوب في 2011، إلى 48% بعد الانفصال.
وأكد الجعلي في منتدى عقد مؤخراً بالخرطوم أن أبرز مشاكل الذهب اتساع الفجوة بين المنتج والمصدر، وعدم استقرار سياسة صادر الذهب، وكشف عن تقديرات منظمة الشفافية العالمية للفجوة في ذهب السودان في الفترة بين 2012 حتى 2018 بحوالي 200 طن، مشيراً إلى وجود تلاعب في الفواتير، ووجود تهريب للمعدن الاصفر، وتهرب من دفع قيمة الضرائب والرسوم الحكومية، فيما طالب المدير العام لمجموعة سبائك مجاهد بلال طه بضرورة دراسة الصادر مع الإنتاج، لأن بنك السودان المركزي يقول إن صادر المعادن 98%، بينما في التصنيف العالمي لا يظهر السودان ضمن المصدرين للذهب .
ويقول الاقتصادي إسحاق عبد الرحيم لـ”العربي الجديد” إنه رغم أن وزارة المالية تقول إنها تخصص 70% من عائدات تصدير الذهب لاستيراد السلع الاستراتيجية، التي تشمل الوقود والقمح، بينما يبلغ العائد المتبقي لاستيراد السلع الأساسية، خاصة مع ارتفاع أسعار الذهب، إلا أن ذلك لم يحدث.
وطالب إسحاق بوضع سياسات لضبط سوق الذهب حتى لا يحدث تسريب أو تهريب للذهب إلا بالتصدير عبر القنوات الرسمية، كما شدد على ضرورة العمل الجاد في جانب السياسات المشجعة للإنتاج بإبعاد البنك المركزي عن شراء وتصدير الذهب، وأيضاً الشركات الحكومية كافة، وسد منافذ التهريب والسيطرة على إنتاج الشركات، وإعادة هيكلة القطاع بما يضمن مساهمة هذا المورد المهم في دعم الاقتصاد بالبلاد.
إلى ذلك، وصف المحلل الاقتصادي أحمد خليل هذه التحولات بالإيجابية من حيث ارتفاع إنتاج البلاد من الذهب إلى أطنان، ونفى أن تكون عائدات إنتاج الذهب من تلك الكميات على خزينة البلاد بذات مستوى الصادرات، التي كان من المؤمل أن تغطي عجز الموازنة، ولكنه أشار الى بعض الأسباب، التي كان منها التهريب وضعف الإدارة والتقاطعات التي تلامس القطاع، بيد أنه أشار إلى تحسن في إنتاج الذهب خلال العام 2022.
وقال إن الزيادة التي تحققت كانت بفضل تكثيف الرقابة الميدانية على عمليات التعدين، وإن الأثر على أرض الواقع محدود للغاية، مرجعاً ذلك لعدم وضوح الرؤية الاستراتيجية للدولة، مضيفاً: “وبالتالي أعتقد أن المردود من الإنتاج لا يزال بعيداً عن الواقع الاقتصادي المتردي”.
ووفق التقرير الذى اصدرته الشركة السودانية للموارد المعدنية، يشغل التعدين حوالى 173 ألف كيلومتر مربع تعادل 16% من مساحة السودان، وتشغل شركات التعدين الوطنية 62% من المساحة، مقابل 38% تشغلها شركات امتياز أجنبية يبلغ عددها وفق التقرير 36 شركة امتياز أجنبية، من 18 دولة، تتصدرها الصين بعدد 11 شركة تعدين، ثم 3 شركات لكل من دول الهند وتركيا والمغرب وقطر، وشركتان سعوديتان، وشركة واحدة لكل من الإمارات، أرمينيا، مصر، الأردن، كندا، جنوب أفريقيا، اليابان، اليمن، روسيا، عمان وبريطانيا، فيما توجد 21 شركة امتياز أجنبية أخرى لم يتم تصنيفها بعد لعدم اكتمال ملفاتها.
وخلال الفترة المذكورة، استفادت 12 من الولايات التي تستضيف أنشطة تعدينية من مشروعات المسؤولية المجتمعية، التي بلغت في مجملها 79 مشروعاً، بقيمة إجمالية تجاوزت 1.9 مليار جنيه، وتنوعت المشروعات بين الطرق والمياه والصحة والكهرباء والتعليم وغيرها، ومن جملة المشروعات الـ79، اكتمل تنفيذ 25 مشروعاً فيما يوجد 20 مشروعاً تحت التشييد وعدد 6 مشاريع غير مفعلة، وتم تحويل 28 مشروعاً للولايات.
ووفق آخر إحصاء، فقد بلغ إجمالي أسواق التعدين 86 سوقا، تنتشر في 12 ولاية، تتصدرها ولاية جنوب كردفان بعدد 24 سوق تعدين، ثم البحر الأحمر والولاية الشمالية 10 أسواق، وعدد 8 أسواق بجنوب دارفور، وفي شمال دارفور 7 أسواق، فيما توجد 5 أسواق تعدين بولايتي نهر النيل والقضارف، و4 أسواق تعدين بكل من النيل الأزرق وشمال كردفان وغرب كردفان، و3 أسواق بوسط دارفور، وسوقي تعدين بولاية كسلا.
العربي الجديد