صعوبات جمة تهدد استمرارية الصحف الورقية في السودان
غابت معظم الصحف الورقية عن رفوف مكتبات التوزيع في السودان الثلاثاء بسبب نقص الورق؛ وسط ارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج والتشغيل وإحجام المطابع التجارية عن طباعة الصحف بسبب عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
وتراجع عدد الصحف الورقية اليومية في السودان خلال الفترة الأخيرة من 40 إلى 12 صحيفة فقط؛ وسط صعوبات كبيرة تهدد استمرارية العدد القليل المتبقي. وأعلنت عدد من الصحف الورقية أنها ستضطر للتوقف عن الصدور خلال الأيام المقبلة.
وأوضح أشرف عبدالعزيز رئيس تحرير صحيفة “الجريدة” اليومية أن الصحف تصدر حاليا في ظل ظروف بالغة التعقيد وتواجه خسائر بالغة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج ورسوم التشغيل والخدمات؛ إضافة إلى تراجع حجم الإعلانات والضرائب الكبيرة المفروضة عليها.
وقال لموقع سكاي نيوز عربية إن الأوضاع الحالية تهدد قدرة الصحافة الورقية على الاستمرار.
وفقا لشهاب يوسف مدير التسويق في مطابع المجموعة الدولية فإن العديد من الصحف تواجه صعوبات كبيرة في الوفاء بالتزاماتها تجاه المطابع الأمر الذي دفع ببعض شركات الطباعة للتوقف عن طباعة الصحف لان تأخير المدفوعات يتسبب في خسائر كبيرة لها.
وقال يوسف لموقع سكاي نيوز عربية إن مطابع المجموعة الدولية كانت تطبع ما بين 12 إلى 17 صحيفة يوميا لكنها أوقفت خلال الفترة الأخيرة طباعة الصحف تماما.
ومنذ أكثر من 5 سنوات تعيش الصحافة الورقية في السودان أوضاعا صعبة للغاية مما دفع بالكثير من الصحف للتوقف عن الإصدار والاكتفاء بالنسخ الإلكترونية؛ تفاقم ذلك من ظاهرة هجر الصحفيين للمهنة.
وعزا مختصون الأزمة إلى 4 أسباب وهي تراجع حجم الإعلان بنحو 60 في المئة وانخفاض التوزيع بمقدار 80 في المئة إضافة إلى ارتفاع كلفة الإنتاج بأكثر من 700 في المئة وعدم توفر البيئة المهنية والمادية اللازمة لاستقرار الكوادر الصحفية والفنية.
لكن نقيب الصحفيين عبدالمنعم أبو إدريس أكد لموقع سكاي نيوز عربية؛ حرص النقابة الجديدة على العمل على تحسين أوضاع الصحفيين والمساعدة على وضع أسس تنظيمية جديدة تصب في إطار تحسين أوضاع المؤسسات الإعلامية والصحفية لضمان توفير بيئة مهنية جاذبة تحافظ على حقوق الصحفيين.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن معدل التوزيع الحالي يتراوح بين 20 إلى 25 ألف نسخة يوميا لمجمل الصحف اليومية؛ وهو معدل منخفض جدا مقارنة بعدد سكان السودان البالغ نحو 40 مليون نسمة وبعيد عن المعيار العالمي لمنظمة اليونسكو الذي يفترض معدلات توزيع 100 نسخة لكل ألف من السكان.
وفاقمت أزمة الصحافة الورقية في السودان من ظاهرة هجر الصحفيين لمهنة الصحافة والبحث عن أعمال أخرى تمكنهم من الوفاء باحتياجاتهم المعيشية في ظل تدني الأجور وارتفاع تكاليف الحياة بشكل كبير.
وضجت وسائط التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة بالعديد من قصص الصحفيين الذين لجأوا للعمل في أنشطة أخرى بعيدة عن الخط المهني مثل الميكانيكا وقيادة سيارات الأجرة وإدارة محلات البقالة وغيرها.
ويرى الكاتب الصحفي حيدر المكاشفي أن الصحافة السودانية تعاني الكثير من الأزمات التي تجعل بيئتها طاردة للصحفيين. ويوضح المكاشفي لموقع سكاي نيوز عربية؛ “تفاقمت حدة أزمة الصحافة السودانية منذ نهايات القرن الماضي بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار الورق ومستلزمات الإنتاج والطباعة إضافة إلى الرسوم الضريبية والجمركية العالية، الأمر الذي أثر سلبا على الشكل والمحتوى ومستويات أجور الصحفيين”.
سكاي نيوز