رسالة للإدارة والإعلام الرياضي في الهلال والمريخ!!
المتابع لكرة القدم السودانية يلحظ بوضوح الجفوة و (العداء الرياضي) بين الهلال والمريخ على المستويين الإداري والإعلامي بشكل خاص.
طبعا يُمكن فهم أن تكون هنالك حالة من الجفاء أو لنقل (التعصب) بين مناصري الفريقين، لأنه من الطبيعي أن ينحاز كل مشجع لفريقه لدرجة التعصب الأعمى أحياناً وتمني الثبور وشدائد الأمور للفريق المنافس؛ إذ يندرج ذلك تحت متعة حُب (الشعار)؛ كما يمثل جزء هام من حالة الندية المتوارثة والمتعارف عليها بين مشجعي أكبر فريقين في البلاد، وهو ما يتوافق مع ما يحدث بين مشجعي الأندية الرياضية الكبيرة في كل دول العالم والأمثلة كثيرة على ذلك .. ولكن الشيء الغريب وغير معقول أن يدخل إداريو الأندية وإعلامها الرياضي في هذه (المعمعة) ويتعاملون بنفس طريقة المشجعيين والمناصريين لهذه الأندية وهو ما ينزع عنهم صفتهم (المهنية) ليصبحوا مجرد مشجعيين لأنديتهم، وبذلك لن يتمكنوا من تقديم الإضافة المرجوة منهم في تطوير الرياضة والعمل الإداري في الأندية من خلال التحليل المفيد والشفافية والمصداقية في تقديم المعلومات وإقتراح الآراء والحلول؛ وتلك هي الأدوار الغائبة في الصحافة الرياضة منذ أمد بعيد.
وكما يعلم الجميع فقد ظللنا نشهد هذا الحال، دون تغيير، منذ سنوات طويلة والنتيجة الماثلة أمامنا هي (صفر كبير) .. ولكن الغريب أن لا أحد يعبأ بهذه النتيجة؛ بل يُصر الإعلام الرياضي للناديين على مواصلة نفس المنوال بلا هدى أو كتاب منير.
وحتى نحكي عن الواقع؛ فكم عدد الهزائم والخيبات والفشل التي عصفت بالمريخ والهلال خلال تاريخهما الممتد؟ .. وماذا حققا طوال هذه المسيرة الطويلة من بطولات أو ألقاب (عدا فوز المريخ ببطولة كأس الكؤوس الأفريقية في العام 1989) وذلك مقارنة بأندية عربية وأفريقية قريبة وبعيدة منا؟.
ما نشهده من تجاذبات وكيد ومكايدة بين إعلام الغريمين الكبيرين يجعلنا نتصور أن المنافسة بين المريخ والهلال تنحصر في الداخل فقط، وأن قمة الطموح لهذين الناديين الكبيرين هو الفوز بالدوري المحلي؛ أما المشاركة في البطولات الخارجية فهي من أجل التواجد فقط ودرءاً للعقوبات المالية التي تفرضها الإتحادات القارية .. وإن لم يكن الأمر كذلك؛ فلماذا يُصر إعلام الناديين على التركيز على القضايا الخلافية “الصغيرة” التي قتلوها نقاشاً حتى أصبح الكلام عنها ممجوجاً ولا معنى له؛ ورغم ذلك لم يصلوا فيها لحسم أو نتيجة؛ بل لا يزال النقاش حولها مستمراً دون توقف!!
كان الأجدر بإعلام الهلال والمريخ وصحافتهما الرياضية البحث في الأسباب الحقيقية التي تقف عائقاً دون فوزهما ببطولة الأندية الأفريقية الأبطال التي حصد منها النادي الأهلي المصري وحده 10 ألقاب خلال مسيرته المتميزة؛ فماذا ينقص المريخ والهلال ليكونا في مصاف الأندية التي تفوز بالألقاب والبطولات الكبيرة؟!
فقط ينقصهما التخطيط السليم والعزيمة والعمل الجاد وأن يركز (إعلام كل فريق) على ما يعنيه ويحقق له هدفه؛ وعدم وضع العراقيل في طريق بعضهما البعض، خوفا من أن يحقق أي منهما البطولة الأفريقية قبل الآخر.
حري بإلاعلام الرياضي في البلاد أن يمعن النظر في ما وصلت إليه رياضة كرة القدم من تدهور في كافة الجوانب؛ حيث يتحمل الإعلام الرياضي جزءاً من المسؤولية في ذلك بتقاعسه في القيام بدوره لكشف جوانب القصور بطريقة مهنية ومحايدة وعدم إقتراح الحلول والعمل مع الجهات المعنية في الأندية والإتحادات على إحداث التطوير المطلوب؛ وهي المهام والأدوار التي يفتقدها الإعلام الرياضي للمريخ والهلال الذي غالباً ما ينحصر دوره الحالي في وصف ما يجري من أحداث في المباريات (التي لعبت بالأمس!!) وكذلك الاستعراض المفصل لأداء اللاعبين؛ بالإضافة لإنشغاله بقضايا إنصرافية أو ذات أغراض شخصية.
إدارات الأندية، في الجانب الآخر، أيضاً تلعب دوراً مهما في تخلُف كرة القدم في البلاد من خلال السيطرة الفردية وعدم الإلتزام بالقواعد والإجراءات السليمة في تسيير العمل في الأندية.
ومعلوم بداهةً أن ما يحدث من تخبط وفشل في المريخ والهلال وحالة التشاكس الدائم بين إعلامهما الرياضي ينعكس في محصلته النهائية في الأداء الكروي على مستوى الأندية والمنتخب الوطني في المنافسات الخارجية؛ بالإضافة لتأثيره السلبي على الرياضة وكرة القدم بشكل عام.
لذلك لابد أن يتغير هذا النهج الإداري الخاطيء وأن يلتزم (أصحاب الأموال) الذين يتولون إدارة الهلال والمريخ بالأسس والإجراءات الإدارية السليمة في تسيير دفة الأمور في هذين الناديين، والعمل على وضع الخطط طويلة الأجل لتطوير كرة القدم والأنشطة الرياضية الأخرى بالإعتماد على المتخصصين في المجالات الإدارية والمالية والفنية والهندسية والقانونية حتى تجني الأندية ثمار ما ينفقونه من أموال يمكن أن تغير من واقع الحال إن تم إستثمارها وتوظيفها بالشكل العلمي السليم.
من الضروري الإشارة إلى أن الإعلام الرياضي والإدارات في المريخ والهلال لا يمثلان العاملين الوحيدين لتدهور الرياضة وكرة القدم؛ ولكن إنصب تركيزنا عليهما في هذا المقال لأنهما يجب أن يمثلا الركيزتين الأساسيتين للإصلاح والتطوير والتقويم والتوجيه وقيادة الرأي الرياضي العام من أجل رفعة الرياضة وكرة القدم في البلاد.
ختاماً نتمنى أن تسود العلاقات الطيبة بين الناديين الكبيرين لأنهما يمثلان قاطرة كرة القدم والرياضة في البلاد؛ ولذلك ينبغي أن يكون ديدنهما التعاون والتوافق فيما بينهما في كل ما شأنه تطوير الرياضة والقضاء على الظواهر والممارسات السلبية في المجال الرياضي.🔹
التاج بشير الجعفري
صحيفة الانتباهة