وهو جميل..
ولكن لماذا سُمي هكذا؟… وما صلته بالجنة؟..
علمي بالإجابة عن هذا السؤال بمقدار علمي عن سؤال: وأين هو الآن أصلاً؟..
فأنا منذ أمدٍ بعيد لم أشاهد طائر جنة..
كما لم أشاهد هدهداً بأم عيني مذ كنت يافعاً؛ رغم شوقي إلى رؤياه مرة أخرى..
فأين اختفى الهدهد؟… وأين اختفت طيور الجنة؟..
بل أين وجد شاعر أغنية طير الجنة ذاك الطائر ليخاطبه شعراً بأصوات البلابل؟..
وهل هو إسحاق الحلنقي؟… أم شاعر آخر؟..
فإن كان الحلنقي فلدي سؤالٌ آخر له على خلفية أغنيته (حبيت عشانك كسلا)..
والتي يقول فيها (عشقت أرض التاكا… خليت دياري عشانك)..
فكيف يعشق التاكا من أجل محبوبته وهو من التاكا؟… وديار القاش هي دياره؟..
وقبل أعوامٍ عديدة كنا قد قبرنا والد صديقنا توفيق..
وتحلقنا حوله في صيوان العزاء؛ نخفف عنه وقع المصاب..
وانضم إلى مجلسنا حسين (هولة) الذي لا ينضبط لسانه على إيقاع الحدث..
فإن كانت المناسبة فرحاً انطلق لسانه هذا بحديثٍ كله نكد..
وإن كانت ترحاً انطلق بنكاتٍ… ونوادر… وطرائف… وحتى مقاطع غنائية..
فأوجسنا منه خيفةً؛ ووضعنا أيدينا على قلوبنا..
فإذا بقلوبنا هذه هي التي وقعت على أيدينا بعد أن تزحزح… وتنحنح… وتنخنخ..
ثم سألنا بمرحٍ صفيق (شفتو طير الجنة في شجرة المقابر؟)..
ثم أجاب عن سؤاله بنفسه (حاجة تجنن؛ وخلَّت مراسم الدفن في منتهى الروعة)..
وخلاَّنا هو بكلامه في منتهى الحرج؛ وصرنا نتنحنح..
وما خلى قلمي يتنحنح الآن تذكري لهدهد نبي الله سليمان الذي جاءه بنبأ يقين..
وتساءلت: هل من هدهدٍ يجيئني بنبأ يقين؟..
أو نبأ سعيد؟… وأنا أتقلب ذات اليمين وذات الشمال في فجوة من كهف الحيرة..
وذلك بعد أن جاءني نبأٌ من وراء الأسوار قبل أيام..
وكان من رجلٍ من المؤتمَرين عظيم؛ الوطني – والشعبي – إذ هما كيانٌ واحد..
أو كانا كذلك؛ ثم صارا كذلك مرة أخرى..
والنبأ الذي أتمنى سماعه هو الذي يجعل (قحطاً) تختفي كاختفاء الهدهد من حياتي..
أو كاختفاء طير الجنة؛ بخلاف الذي في أغنية البلابل..
أو كعصفور النار ذاك – بالمسلسل الشهير – الذي يتسبب في إحراق البلدة زعماً..
ثم إحراق الشر متمثلاً في العمدة وعصبته عمداً..
بقي أن أقول إن الطائر الذي رآه حسين هولة في شجرة المقابر لم يكن كما ظن..
وإنما كان طائراً غريباً… ذا ذيلٍ طويل..
وربما كان عصفور النار؛ والذي أتمنى أن يحرق ما يماثل شر العمدة الآن..
وليس الطائر الذي أتوق إلى رؤيته؛ كما الهدهد..
طير الجنة!.
صحيفة الصيحة