تعيش البلاد حالة من الفراغ الحكومي فترة ليست بالقصيرة بدأت منذ الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ورئيس مجلس السيادة الانتقالي في الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الماضي، تحت مسمى تصحيح مسار الثورة، وظلت أغلب الوزارات بلا وزراء و يسيِّرها وزراء مكلفون، وسط تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية وهذا الفراغ الدستوري أدى إلى تدهور الوضع بالبلاد رغم المساعي الداخلية والخارجية، إلا أنها فشلت في إيجاد حل للأزمة الحالية.
المساعدات المرصودة
كشف النائب السابق لمحافظ بنك السودان المركزي، فاروق كمبريسي في وقت سابق،أعن خسارة البلاد لـ 94% من الدعم والمساعدات المالية المرصودة للإصلاح الاقتصادي جراء الانقلاب، مشيرًا إلى أن صافي الالتزام الذي تعهدت به الجهات الدولية يصل إلى 4.643 مليار دولار،وقال إنّه نُفِّذ 268 مليون دولار، منها فقط، فيما جُمِّد 4.375 مليار دولار، بسبب الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر الماضي.
خبراء اقتصاديون أجمعوا على أن الفراغ الدستوري الذي تعيشه البلاد أدى إلى شلل في أجهزة الدولة ومشاكل اقتصادية كبيرة، لعدم وجود تخطيط اقتصادي، وأصبحت الدولة تعمل بـ(رزق اليوم باليوم)، وبعض الموجودين في هرم الوزارات يعلمون أنهم يمكن أن يغادروا في أي وقت، لذلك ليس لديهم خطط قصيرة أو طويلة الأجل، مما خلق مشاكل كثيرة وانعكس ذلك في تدني الخدمات وضعف في الإنتاج والانتاجية.
تلافي السلبيات
وفي ذات السياق قال الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي: إن مشكلة السودان -الآن- ليست في الفراغ الدستوري في الوزارات فقط، وإنما على مستوى المجلس التشريعي والمجلس السيادي والتنفيذي والسلطة القضائية المتمثلة في عدم وجود محكمة دستورية .
وقال في حديثه لـ(الصيحة) إن مشكلة البلاد كبيرة متمثلة في عدم وجود خطة تنفيذية ومستهدفات وعدم وجود نتائج لما تم تنفيذه وتحليلة وعدم الوقوف عليه من خلال طرحة للقطاع الاقتصادي لكل وزارة للوقوف عليه لدعم المنجزات وتلافي السلبيات والوقوف على المعوقات، وعاب على الوزارات العمل بصورة منفردة عن الوزارة الأخرى لعدم وجود هيكل تنظيمي لتشبيك الربط بينهما ما خلق مشكلة، وأؤكد أن الفراغ الدستوري ليس بسبب مشكلة السودان الحالية.
لكنه سرعان ما عاد وقال، إن الفراغ التنفيذي يكثر الأزمات وتعصى الحلول خلاله، ويعمل على أن تضغط الخلافات السياسية على سمعة وصورة السودان الذهنية وعلى اقتصاد البلاد .
استقرار السياسات والأفكار
وفي سياق متصل قال الخبير الاقتصادي د. حسين جبريل القوني: إن الأصل في تعيين وزراء مستديمين يمثل الاستقرار ويؤدي إلى استقرار في السياسات والأفكار والتخطيط، وأضاف في حديثه لـ(الصيحة): إن الوضع الحالي مع غياب السلطان التشريعية والنقص الدستوري يؤدي إلى عدم الاستقرار في السياسات وعدم الحرص على اتخاذ القرارات السليمة، كما أنه يؤدي إلى اختلاف وجهات النظر وتأثير القرارات الأكثر حصافة وصحة له آثار نفسية سالبة في عدم إنجاز المهام في الوقت المناسب ويؤثر على احترام المرؤوسين لرؤسائهم خاصة وأنهم يعملون في بيئة غير مستقرة ما يؤثر على حماسهم ويحول دون الابتكار والأداء المتميز، عكس ماهو الحال، حين ينتظم العمل قوانين ولوائح بجانب أنه يحول دون وضع الخطط والاستراتيحية ومتابعتها وتنفيذها.
وقال: إن السودان في مأزق خطير منذ ثلاث سنوات، مبيناً أن الحكومة الانتقالية ليس لديها خبرات لتسيير دولاب العمل ما نتج عن ذلك أوضاع اقتصادية مأساوية ظهرت في قيمة الجنيه السوداني، ونقص الخدمات الضرورية، إضافة إلى ارتفاع مستويات التضخم بشكل كبير.
صحيفة الصيحة