وقع في الخامس من ديسمبر 2022م اتفاقٌ إطاريٌّ بين بعض من الحرية والتغيير المجلس المركزي، وبعض من الحركات المسلحة المُوقّعة على السلام في جوبا، وبعض من تنظيمات مهنية غير نقابية ولا اتحادات مع المكون العسكري، ويمثل ذلك الفريق أول البرهان القائد العام للقوات المسلحة، والفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع، وهذا اتفاق احتوى على نقاط إيجابية وأخرى سلبية، وهو اتفاق ليس علمانياً صرفاً، ولكن هو مشروع نيو ليبرالي من ايجابياته يحدث عن دولة مدنية ديمقراطية، وينادي بإقامة تحول ديمقراطي، ولكن من سلبياته:
١/ إنّ الموقعين عليه قوى سياسية ضعيفة جداً، وأغلب الموقعين لافتات فقط، المؤتمر السوداني لوحده لديه سبع واجهات.
٢/ مشروع الاتفاق صناعة خارجية أُلبس ثوب الداخل.
٣/ مشروع خفت فيه القيم السودانية.
٤/ مشروع قام على العزل السياسي وتصفية الخُصومة والأغبان.
٥/ مشروع قام على التناقضات بين العسكريين وسعي لذلك.
٦/ قضى على النظام العدلي من قضاء ونيابة وأخرى.
٧/ قضى على النظام الفدرالي وسيجعل الدولة والحكم في الخرطوم، وذلك يؤدي إلى تقسيم السودان بقيام سلطة طاردة ومنفرة.
٩/ قضى على الأجهزة العسكرية من أمن وطني وشرطة وجعلها تحت رحمة هذه القوى التي وقعت هذا الاتفاق.
١٠/ عرض الأمن الوطني إلى مخاطر جمّة وسيفتت النسيج الاجتماعي وينهي الوحدة الوطنية. هذه جزء من سلبيات كثيرة يمكن أن تعدد.
إذن نجاح هذا المشروع يحتاج الى:
١/ ارجاع الأمر الى الشعب السوداني ليجتمع عليه وذلك بعرضه على كل مكونات الشعب السوداني وفق مائدة مستديرة لتنظر فيه باعتباره مسودة ويجمع عليه المسودات الأخرى يتفق على المشترك ويناقش ما هو مختلف عليه.
ثانياً، يناقش الأمر في إطار وطني يحفظ للخارج حقوقهم ويحفظ لنا كسودانيين حقوقنا دون وصاية ولا تدخُّل في شؤوننا الداخلية، خاصةً وأنّ العالم الآن يتشكّل من جديد، لم يعد هنالك وجود لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية.
٣/ نحول التسوية الثلاثية الآن الى تسوية سودانية عامة وشاملة.
٤/ نحول المشروع من مشروع صهيو إماراتي إلى مشروع وطني يحفظ مصالح الكل الخارجي وخاصةً الدول التي وقفت مع السودان في وقت المحن، بعيداً عن العقوبات وعصا التهديد والوعيد الغربية.
٥/ العمل على وحدة المؤسسة العسكرية في القول والعمل واللسان دون تيارات ومحاور.
نخلص من ذلك الى حكومة كفاءات وطنية غير حزبية لا تسيطر عليها قوى حزبية أو مهنية وتكون ممثلة لكل أهل السودان، وأن لا تكون مركزية طاردة تسيطر عليها النخب على حساب الأقاليم والولايات.. هذه جزء من مرائيات نجاح المشروع.
الدعوات الاستقطابية والمغريات والمشهيات الفردية التي تقدم للقوى السياسية للانضمام له لن تنجح ولن تعطيه شرعية، وحتى التدخُّل الخارجي من بعض الدول لن يجعله ينجح ويعيش لأنه وُلد في غرفة الإنعاش.
إذن، المطلوب عدم التعنُّت والاعتماد على الخارج والتجارب العالمية في ذلك كثيرةٌ، وكم من قوى سياسية ودول اعتمدت على العالم الغربي فشلت.
إذن، المُهم هو المشروع الوطني. أرجو من الجميع أن يعي الدرس.
حتى تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م يُمكن القيام به عبر القضاء والسُّلطات العدلية دون التشفي والانتقام.
صحيفة الصيحة