آه لو كنتم أحرزتم الفرصتين اللتين تهيأتا لكم ومرمى الفرنسيين خال، وأودعتم الكرة الشباك الفرنسية، لكنتم وضعتم ليس المغرب وحدها ولا الدول العربية وحدها ولا الافريقية وحدها، بل كل البلاد الشبيهة والشعوب المثيلة ضمن النهائي وضمن الاثنين الكبار كرويا في العالم، ولكن ماذا نقول مع سوء الحظ وعناد المستديرة الذي أقصاكم، ولو كنتم تخطيتم فرنسا في تلك الليلة وعبرتم الى النهائي، لكنتم وكان العرب والافارقة معكم على بعد خطوة ليس بعدها إلا التربع على عرش العالم أبطالا له في البطولة التي تقيم الدنيا بأجمعها ويسهر الخلق جراها ويختصموا، ولكن لا بأس، فرغم ذلك كنتم ذوي شدة ومراس وبأس، سعيتم فأسعدتم وأجدتم فنلتم الاحترام والاعجاب، كنتم الكبار في المقام، وكنتم الاغنى موهبة وأنتم الافقر مادة، وكنتم تعاركون الاوائل وأنتم من دنيا الثوالث، خسرتم معركة ولم تخسروا الحرب بل خرجتم في إستراحة محارب كما يخرج الأبطال ريثما ينظموا صفوفهم ويعيدوا الكرّة، والكرّة هي الكأس القادمة بعد أربع سنوات، فالمستقبل لكم لأنكم مملؤين فتوة وممتلئين طموحا وحماس، ستجمرّكم السنوات القادمة وتجمّل أداءكم بالخبرة بينما ستفعل هذه السنوات في الآخرين ما يفعله الزمن عند تقدم السن، فلا تهنوا ولا تحزنوا فأنتم الاعلون كرويا في قادم المنافسات بالبناء على هذه التجربة لا النكوص عنها والارتداد… وإن كنا خاطبنا لاعبي المغرب باسم كل عشاق الرياضة ومحبي كرة القدم خاصة عرفانا لهم، ليحيى عطية الله، جواد ياميق، أشرف حكيمي، بدر بانون، نصير مرزاوي، سفيان أمرابط، عز الدين أوناهي، سليم أملاح، زكريا أبو خلال،يوسف النصيري، سفيان بوفال، حكيم زياش،والحارس العملاق يس بونو،وغيرهم من العقد المغربي النضيد، لا بد من خطاب موازٍ لاؤلئك الذين يعتبرون كرة القدم رجس من عمل الشيطان ويحرضون على إجتنابها، وغيرهم ممن يدرجونها في عداد لعب العيال، ويعدونها محض لهو لا طائل منه غير إضاعة الوقت والجهد في الجري وراء هراء هو جلدة منفوخة مملؤة بالهواء، فلا يكتفون بالاشاحة عنها بل يشبعونها سخرية واستهزاء، فأن لا يهتم هؤلاء واولئك بهذه الرياضة ولا يتابعونها فذلك حقهم وإختيارهم، ولكن أن يحاربوها ويناهضوها ويخذّلوا عنها ويسخروا منها ويقللوا من شأنها فذلك ما نرجوهم مراجعته، فالرياضة عامة وكرة القدم تحديدا أضحت اليوم مرآة مثلها مثل أي مرآة، يمكن لأي مجتمع أن يرى صورته الحقيقية معكوسة عليها، وذلك ببساطة لأنها الآن صارت منظومة متكاملة، تشمل قائمة طويلة من الموارد والمعدات والادوات والكفاءات والخبرات والتدريب الجاد، وتهيئة نفسية وإعداد وطني وإصرار وعزيمة وقدرة على التحمل، والعمل الجماعي والتعلم والاستفادة من تجاربك وتجارب الآخرين، وعلى رأس هذه المنظومة يقف التخطيط الجيد والادارة الفعالة، فماذا أبقت بربكم كرة القدم لأي مطلوبات تحتاجها أي بلد لمسيرة نهضتها الشاملة سوى هذه المنظومة الكروية المحكمة، ثم أنها علاوة على ذلك تلقن الكبار الدروس وتكسر عنجهيتهم وتجبرهم على إحترام الصغار، كما تقدم لهم دروس ميدانية مجانية في ضرورة أن يكونوا عادلين ومنصفين عندما لا يكن متاحا تجرعهم من كأس الظلم الذي يذيقونه الآخرين إلا في ساحات كرة القدم، ولعل في ما تعرضت له البرازيل والبرتغال عبرة ودرس لهما..وعودا على بدء، فإن كانت بدايتنا هي (آه يا مغاربة) فلن تكون خاتمتنا غير(تبكي يا بلدي الحبيب)..
صحيفة الجريدة