شمس الثنائية وغربال البرهان

( الاتفاق دا ما فيهو أي إقصاء لأحد وما فيهو زول درجة أولى وزول درجة تانية، ما ناقصة، ما ناقصة ناس، القوى دي المتوافق عليها دي إذا جات قعدت أنا متأكد البلد دي بتمشي لي قدام عشان كده بنقول ليهم مافي زول يحاول يختطف هذا الاتفاق، مافي زول يحاول يجيروا لمصلحتو، مافي زول يقول والله الاتفاق دا عملو هو لي نفسو، وداير يستفيد منو، الاتفاق دا لكل السودانيين، ولكل القوى النحن اتوافقنا عليها أنها تجي تمشي مع بعض، وتشتغل مع بعض عشان تطلِّع السودان دا، مافي أي تفريط لا في ثوابتنا العسكرية لا في ثوابتنا حقة السودان ) – عبد الفتاح البرهان

يحاول الفريق أول البرهان جاهداً أن يغطي شمس الحقيقة بغربال الكلمات الملساء التي لا توجد لها أي ترجمة في الواقع، وهناك حقائق صلبة لا تقبل التلوين والتغبيش :
▪️حقيقة أولى : قحت المركزي اعترضت على حوار المائدة المستديرة بعد انعقاد جلسته الأولى، وطالبت بحوار خاص بينها والعسكريين، ونالت ما أرادت بمساعدة العسكريين والوسطاء :
– بإعلان العسكريين انسحابهم من التفاوض ( الذي يُترجَم بانسحابهم من حوار المائدة المستديرة ) .

– بإستغلال الآلية الثلاثية لقرار العسكريين في إلغاء حوار المائدة المستديرة .
– بمخالفة العسكريين لقرارهم وانخراطهم في تفاوض ثنائي سري مع قحت المركزي.
▪️المركزي بمعاونة الأجانب، صاغ الوثيقة الدستورية، والإعلان السياسي، والاتفاق الإطاري .
▪️ العسكريون قرروا عدم الالتفات لكل المبادرات التي تقوم على الحوار الشامل والمشاركة الواسعة، وقرروا الانحياز الكامل لمشروع قحت المركزي بما فيه من تراتبية وإقصاء تحملهما النصوص الصريحة التي وقعوا عليها .

▪️أعاد العسكريون تعريف التوافق ليكون معناه الجديد هو التوافق على دستور المركزي، وإعلانه السياسي، واتفاقه الإطاري، مع إمكانية نظرية لوضع هوامش على المتون، وللمركزي أن يقبل بها أو يرفضها ..

▪️ حتى التوافق بمعناه الجديد ليس مفتوحاً لكل الأطراف التي شاركت في حوار السلام روتانا الموءود . وإنما فقط للقوى التي كرر البرهان، في أكثر من مناسبة، بأنهم قد ( توافقوا ) عليها، والمعنى الذي يصل للناس هو أنهم توافقوا ( مع المركزي) عليها !
▪️إلى جانب الحركات المسلحة ذكر البرهان، عدة مرات، إنهم قد ( توافقوا) على الاتحادي الأصل، والشعبي، وأنصار السنة .

▪️ الاتحادي الأصل اختطف اسمه فرد عضويته مجمدة، والشعبي اختطف اسمه أمينه السياسي غير المجاز من الشورى، وأنصار السنة انسحبوا بعد أن لم تلتفت قحت المركزي إلى تعديلاتهم التي تخفف من حرجهم بالتخفيف من علمانية الوثائق ..

▪️ من يريد أن يوقع سوف يبصم على اتفاق ناجز لم يشارك فيه، وسوف يكون في مرتبة أقل من مرتبة ( قوى الانتقال ) التي نالت ( شرف ) التوقيع على الإعلان السياسي الذي أُغلِق باب التوقيع عليه .

▪️ قحت المركزي أعطت نفسها حق رفع الفيتو في وجه القوى ( غير المتوافق عليها ) إذا قررت البصم على الاتفاق الناجز ..

▪️ الاتفاق يعيد قحت المركزي، بعد انسحاب أطراف منها، بسلطة أكبر وبتوافق أقل.
▪️لم تقدِّم قحت المركزي برنامجاً حقيقياً يقنع الناس بأنه سوف ( يطلّْع السودان دا ) ..
▪️ ليس من للسهولة معرفة “ثوابت الجيش” التي لن تشملها ( الجراحة العميقة ) التي التزم بها قائد الدعم السريع .

▪️أما “ثوابت السودان”، فيكفي أن الوثائق الموقعة قد خالفتها، وأن الشخص الذي يتحدث الناس عنه كمرشح لرئاسة الوزراء كان قد صرَّح بأنه ( لا يوجد شيء اسمه ثوابت الأمة السودانية ) وأنه حتى في حالة اختيار المركزي لغيره فالأرجح أنه لن يختلف عنه كثيراً .
لكل هذا :
▪️لا تحتاج قحت المركزي ( لاختطاف ) الاتفاق فهو ملكها أصلاً ..
▪️ولا تحتاج ( لتجييره لمصلحتها ) فنصوصه كلها ترعى مصلحتها .
▪️ولا تحتاج لأن تقول ( الاتفاق عملتو هي لنفسها ودايرة تستفيد منه)، فهذا ما تنطق به النصوص ويؤكده الواقع .
▪️ولا يحتاج العساكر إلى كل هذا المجهود غير المجدي لتغطية شمس الحقائق بغربال الفهلوة والسواقة، فـ ( البرقص ما بغطي دقنو ) ..

▪️ولا يحتاج الشعب إلى تحمل فاتورة ( الضرورات ) الخاصة بالعسكريين التي اضطرتهم إلى القبول بهذه القسمة الضيزى أياً كانت، ضغوطاً، أو ارتباطات، أو مخاوف خاصة، أو مصالح خاصة بهم بعيدة الأمد يعلمونها ولا يعلمها الشعب .

إبراهيم عثمان

Exit mobile version