منذ التوقيع على الاتفاق الاطاري والتأكيد على ضرورة شمول الاتفاق لكافة الوان الطيف السياسي بالبلاد برزت مسألة كيفية جذب الرافضين للاتفاق واقناعهم بجداه والانضمام اليه كواحدة من المسائل الملحة لتحشيد اكبر قوى دفع ممكنه خلف الاتفاق الذي ينظر له كمفتاح ومخرج للبلاد من الأزمة السياسية المستفحلة منذ الانقلاب الذي نفذه قائد الجيش في أكتوبر من العام الماضي.
ميثاق التراضي الوطني
وبالأمس اعلن قوى ميثاق التراضي الوطني بزعامة رئيس حزب الامة مبارك الفاضل المهدي رغبتهم في الالتحاق بركب العملية السياسية والتوقيع على الاتفاق الاطاري في مفاجأة عدها الكثيرون بعيدة بالنظر الى مواقف الفاضل طيلة الأشهر الماضية وهجومة المتواصل على قوى اعلان الحرية والتغيير وعلى الالية الثلاثية والمجتمع الدولي وتقليله من الاتفاق في عشية يوم التوقيع عليه واعتباره ناقصا..
نوايا التوقيع
لكن مبارك الفاضل أعلن عبر مؤتمر صحفي بالخرطوم امس السبت نيتهم التوقيع على الاتفاق الاطاري ليفتح الباب واسعا أمام كثير من القوى السياسية الرافضة بالالتحاق بالعملية السياسية ، سيما وأن انضمام مبارك الفاضل ربما يشكل نقطة تحول كبيرة في كتلة الرافضين للاتفاق الاطاري ومن يستندون في رفضهم على مهاجمة المجتمع الدولي البعثة الأممية ويتكئون على وسادة القرار الوطني عدم الانصياع للاجانب..
رفض وتحديات
ومنذ التوقيع على الاتفاق الذي يصفه البعض بانه أفضل ما تم التوصل إليه لإنهاء الأزمة وخروج المكون العسكري من المشهد السياسي، ترفض تيارات مختلفة تعارض الاتفاق، خاصة في صفوف تنسيقيات لجان المقاومة التي قادت مظاهرات ضد التسوية، ودعت إلى تشكيل جبهة معارضة هدفها الأول هو إسقاط الانقلاب، معتبرة أن الاتفاق يقطع طريق الحراك الشعبي، وهو خيانة للثورة السودانية، كما يواجه الاتفاق الاطاري تحديات جسيمة، أبرزها احتجاجات الشارع، واعتراض اثنتين من حركات دارفور الموقعة على اتفاق السلام وهما العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، حيث رفضا الاعتراف بهذه التسوية ووصفاها بالتفاهم الثنائي، اضافة الى التيار الإسلامي العريض ومبادرة أهل السودان والحزب الشيوعي، وحزب البعث العربي رغم أنه جزء من ائتلاف الحرية والتغيير.
مجلس الأمن
وفي الأثناء رحب أعضاء مجلس الأمن الدولي بتوقيع الاتفاق السياسي الإطاري في السودان مؤكدين أن هذه كانت خطوة أساسية نحو تشكيل حكومة بقيادة مدنية وتحديد الترتيبات الدستورية لتوجيه السودان خلال فترة انتقالية تتوج بالانتخابات، وقد تم توقيع الاتفاق السياسي الإطاري بين القوى السياسية المدنية والمؤسسة العسكرية في السودان،وفي بيان صدر يوم الخميس، أشاد أعضاء مجلس الأمن بالآلية الثلاثية المكونة من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان (يونيتامس) والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد) على دعم الجهود السودانية لاستعادة تسوية سياسية دائمة وشاملة وديمقراطية في السودان، وشدد أعضاء المجلس أيضا في بيانهم على ضرورة استمرار تدابير بناء الثقة وشجعوا بشدة القوى السياسية الرئيسية التي لم توقع بعد على الاتفاق على الانضمام إلى العملية السلمية، وشددوا على أهمية توفير المزيد من الفرص لها للقيام بذلك، وشجع أعضاء مجلس الأمن الأطراف على بدء العمل دون تأخير في المرحلة الثانية من العملية، بما في ذلك معالجة القضايا الحرجة التي يتصورها الموقعون على الاتفاق السياسي الإطاري التي تعزز السلام والأمن في السودان، مع ضمان مشاركة المرأة على النحو المنصوص عليه في الاتفاق الإطاري، وشدد أعضاء مجلس الأمن على أهمية إطلاق العنان لاستئناف المساعدة الاقتصادية. وأكدوا أيضا أن تضافر الجهود للانتهاء من المفاوضات والتوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية أمر ضروري لمواجهة التحديات الإنسانية والاقتصادية الملحة في السودان،ورحب أعضاء المجلس بالجهود التي يبذلها الموقعون على الاتفاق السياسي الإطاري لحشد الدعم من مجموعة واسعة من الجهات السودانية الفاعلة. وشددوا على أهمية تهيئة بيئة مؤاتية لحل القضايا العالقة من خلال حوار سلمي وشامل،وأكد أعضاء مجلس الأمن في ختام البيان التزامهم القوي بوحدة وسيادة واستقلال وسلامة أراضي جمهورية السودان، ودعوا جميع أصحاب المصلحة من السودانيين إلى مواصلة العمل مع الآلية الثلاثية في المرحلة الثانية من المشاورات، بهدف تحقيق أهداف الانتقال.
تقييم الخطوة
وفي السياق يرى القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي المركز العام علي يوسف تبيدي أن التحاق مبارك الفاضل بالاتفاق الاطاري يعتبر اضافة وأنه يزيد من لحمة وتكاتف القوى السياسية الداعمة للاتفاق والعملية السياسية ، وقال علي في تصريح لـ” السوداني ” ان رفض الفاضل للاعلان السياسي ومسودة الدستور الانتقالي ونعتها بأوصاف غريبة” دستور مستورد” قبل فترة واتهام الحرية والتغيير بـ”العمالة ” وغيرها من الاتهامات لم تكن مبررة هي من باب الكيد السياسي فقط، وأضاف “المسألة أصبحت أقرب للتنافس بين الضرات والتبخيس” وتابع : نتمنى ان تنضم الكتلة الديمقراطية للاتفاق والدفع بالملاحظات لتطوير الاتفاق وتعديله من الداخل، مشيرا إلى أن الاتفاق الاطاري والاعلان السياسي ومسودة الدستور لا علاقة لها بالخارج وتضمنت كلها كلام سياسي صريح ووطني ، وأن كل من يتحدث بغير ذلك فهو لم يطلع عليها ، وأضاف أن الاتفاق سوداني خالص، وأعرب علي بأن يلتحق كل الرافضين بالاتفاق الاطاري والعمل على تطويره من الداخل وتقديم الملاحظات والتعديلات والابتعاد من المماحكات والمزايدات السياسية ، لافتا الى ان الاتفاق غطى كثيرا من القضايا كما أن الاعلان السياسي الذي انبنى عليه جاء شاملا وبه تصحيح كامل لكل الأخطاء التي صاحبت تجربة قوى الحرية والتغيير في الفترة الماضية، ودعا الرافضين للاتفاق للاستفادة من هذا الواقع الجديد، وقال إن نجاح الاتفاق أصلا مرهون بتوسيع قاعدة المشاركة ، وقال : على كل من يؤمن بالثورة والتغيير التوقيع على الاتفاق الاطاري، كما ينبغي الجلوس مع لجان المقاومة باعتبارها أصحاب المصلحة الحقيقية ووهي من تدفع الثمن غاليا ،وينبغي ضمها للاتفاق، ونبه إلى أن استمرار المواكب وغليان الشارع يعتبر سببا أساسيا في إجبار العسكر على التراجع والقبول بالجلوس في العملية السياسية والاتجاه نحو الحل السياسي.
صحيفة السوداني