تزايدت الآمال بأن يسهم توقيع الاتفاق الإطاري بين المجلس السيادي ومركزية قوي الحرية والتغيير، في التسريع بتسمية رئيس الوزراء ومن ثم تشكيل الحكومة المدنية الجديدة، التي ينظر لها الراقبون بأنها “طوق النجاة” لعودة المساعدات الخارجية وتحسين الاقتصاد.
دعم معلَّق
وطوال الفترة التي أعقبت “25” أكتوبر من العام الماضي، تشترط مؤسسات التمويل الدولية ومانحي المجتمع الدولي وصول المساعدات بتكوين حكومة بقيادة مدنية، وإعادة المسار الانتقالي وصولاً للديموقراطية، وهو ما أدى لتعليق العديد من المساعدات المالية.
مصير المساعدات
وحتى الآن، ما يزال مصير فك المساعدات الدولية مجهولاً، ومن غير المؤكد متى ستتدفق، حيث لم يصدر تعليقاً رسمياً بشأنها سواءً من الدول المانحة أو مؤسسات التمويل الدولية، ويبدو أن الأمر ما يزال مبكراً على تلك الخطوة، وعلى الأقل في انتظار تسمية رئيس الوزراء وتكوين الحكومة أولاً، وتشمل المساعدات الاقتصادية “700” مليون دولار، معلَّقة من الولايات المتحدة الأمريكية، كما أوقف البنك الدولي مدفوعاته بعد أن وعد بتقديم ملياري دولار، في شكل منح، أما صندوق النقد الدولي، فقاد أوقف برنامج قروض بقيمة 2.5 مليار دولار، كانت مدته (39) شهراً.
رضا دولي
يشير المحلِّل الاقتصادي، د. محمد الناير، لوجود حالة من الرضا من قبل المجتمع الدولي بالاتفاق السياسي وظهر هذا من خلال حديث الثلاثية والرباعية خلال حفل توقيع الاتفاق، بيد أنه أشار إلى أن المجتمع الدولي لن يتفاعل مع السودان إلا بعد الاتفاق النهائي.
وقال الناير، لـ (الصيحة): إن الاتفاق النهائي أمامه عقبات كثيرة، معرباً عن آمله أن يحدث توافق سياسي تام على ما كان يتوقعه قادة الجيش لكل مكوِّنات المجتمع السوداني أو حتى (90%) من المكوِّنات السياسية الموجودة، وزاد: إذا توافقت توافق تام يصبح من السهل التوصل لاتفاق نهائي، إضافة لمعالجة قضية الشرق التي أصبحت عقبة إذ هي رافضة للاتفاق، إضافة إلى المكوِّنات الأخرى التي تحرِّك الشارع.
وبخصوص دعم المجتمع الدولي يرى الناير أنه قد يعود بعد الاطمئنان إلى وجود وفاق سياسي وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة تدير ما تبقى من مرحلة انتقالية، داعياً إلى النظر للمستقبل المجتمع الدولي منهك تماماً من خلال الحرب الروسية الأوكرانية والدعم الكبير الذي يقدم لأوكرانيا من قبل أمريكا وأوروبا، وبالتالي ارتدت آثار سالبة على الاقتصاد الأوروبي والأمريكي، بل أن الاقتصاد العالمي -الآن- مهدَّد بانخفاض معدَّلات النمو بصورة كبيرة بسبب النمو والحرب الروسية الأوكرانية، وأرجع الناير أن ذلك سبباً رئيس أن المجتمع الدولي قد لا يستطيع أن يدعم السودان في الوقت الحالي، وأشار إلى أن التعويل يكون على المنطقة العربية ودول الخليج في المرحلة الراهنة، وتوقع أن تلتفت دول الخليج بحماس للاستثمار الزراعي بشقيه النباتي والحيواني والقطاع الصناعي بالتصنيع الغذائي بجانب مبادرة المملكة العربية السعودية في بداية الاستثمار في السودان بـ(3) مليار دولار، هي بداية تعكس إحساس الوطن العربي والخليج بأنه لا بد من تأمين الغذاء داخل الوطن العربي بدلاً من استيراد القمح والسلع الغذائية الأخرى من روسيا وأوكرانية وأماكن بعيدة، وقال: نتوقع تفاعل المجتمع الدولي بعد توقيع الاتفاق النهائي بيد أن تجربة السودان مع المجتمع الدولي لم تكن جيِّدة باعتبار أن هناك وعود كثيرة ولم يتم الوفاء بها، وتابع قائلاً: نأمل من المجتمع الدولي إذا ما تم التوصل لاتفاق نهائي أن يحرِّك ملف إعفاء الديون ويدعم السودان من خلال منح وقروض بشروط ميسَّرة.
صعوبة التنبوء
بدورها ترى خبيرة الاقتصاد د. إيناس إبراهيم، أن هناك صعوبة في قراءة والتنبؤ بما ستؤول إليه الأمور قبل تحقق الاستقرار السياسي الكامل، مشيرة إلى أن وجود حكومة مستقرة ومتفق عليها سياسياً ضرورة لازمة للتحسُّن الاقتصادي.
وقالت إيناس لـ (الصيحة)، مع أهمية التوافق الكامل إلا أن ثمة ضروروات وواجبات ينبغي على الحكومة عدم إغفالها، مشيراً إلى أن أبرز المطلوبات الاقتصادية تشمل التركيز على زيادة الإنتاج المحلي لسد حاجة الاستهلاك وتمزيق فواتير الاستيراد، وتصدير الفائض لتحقيق وفرة في ميزان المدفوعات، مع مطالب أخرى تشمل حسن الاستخدام الأمثل للموارد، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى التفكير في أساليب جديدة لرفع الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد، في ضوء التحديات التي تُواجه مصادره الرئيسة، والتي تُسجل جميعها تراجعاً ملحوظاً، خصوصاً الدخل من الصادرات الزراعية والثروة الحيوانية والثروة المعدنية، وزيادة عجلة الإنتاج، والحد من الواردات غير الأساسية، وخفض حجم استيراد السلع غير الاستراتيجية وتشجيع الصناعة المحلية والحفاظ على الاحتياطي الأجنبي.
تعامل المجتمع الدولي
واعتبر المحلِّل الاقتصادي قاسم صديق، عودة الحكومة المدنية مهمة جداً وستسهم لا محالة في جذب دعم المجتمع الدولي، لافتاً إلى أن الفوائد التي تحققت خلال العامين الأخيرين تمت بجهود رئيس وزراء الحكومة السابقة د. حمدوك بمعرفته وعلاقاته المهنية والشخصية الدولية واعتبره هو المهندس لتلك السياسات التي جعلت العالم يخضع للرؤى الجديدة ويعفي السودان من ديون كبيرة ويعمل على إعادته ضمن المنظومة الدولية والمالية.
الخرطوم- جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة