الطاهر ساتي يكتب: إمتحان الحريات..!!

:: وفي خضم السجال حول مباريات كأس العالم، رصدت سجالاً عنيفاً بمواقع التواصل حول (مقطع فيديو)، يمنع فيه منسق شؤون الطلاب بكلية ود مدني للعلوم الطبية والتكنولوجيا، عبد الرحيم البلال، الطالبات عن ارتداء العباءة داخل حرم الكلية.. ثم رصدت تصريحاً لهذا المنسق – بالراكوبة الإلكترونية – يؤكد فيه أن الزيّ الرسمي للطالبات هو (إسكريت، بلوزة، طرحة)، وأن لوائح الكلية لا تسمح بارتداء العباءة، (ممنوع ارتداء العباءة بالكلية)، قالها البلال هكذا بالنص..!! :: صراع الطالبات مع لوائح الكليات الخاصة (قديم)، وليس وليد اليوم، أو كما يظن البعض.. وفي الذاكرة، في نوفمبر 2008، كتبت قصة طالبة منقبة رفضت إحدى الكليات قبولها بسبب نقابها، رغم إنها مستوفية لشروط القبول الأكاديمية.. وبعد سرد معاناة الطالبة وأسرتها مع لائحة الكلية، ناشدت إدارتها، لحل الأزمة بلا ضرر أو ضرار.. وبعد النشر، بتوجيه عن عبد الدائم زمراوي الوكيل الأسبق لوزارة العدل، نجح ميرغني عبد الرازق كننة، كبير المستشارين بالوزارة، في حل الأزمة..!! :: لقد وافقت إدارة الكلية للطالبة بإكمال إجراءات التسجيل، مع الالتزام برفع توصية إلى مجلس الكلية لإزالة أي تعارض بين اللائحة وأي أمر معلوم في الدين أو أي قانون آخر، ثم التزمت الإدارة القانونية بوزارة التعليم العالي بمراجعة لوائح الجامعات والكليات الخاصة التي تتعارض مع القانون.. هكذا تم حل قضية المنقبات والمحجبات بكل الجامعات والكليات الخاصة في ذاك العام، أي بما لا ينتهك حقوقهن وحرياتهن بلوائح خاصة.. ما الجديد، بحيث تتكرر الأزمة – هذا العام – بود مدني..؟؟ :: فالقوانين التي تحمي الحقوق والحريات (لا تزال سارية)، وزادت قوتها بعد الثورة، باعتبار أن الحرية والعدالة من أهم مطالب الثورة.. فلنسأل، كم طالبة غادرت كلية ود مدني للعلوم الطبية والتكنولوجيا، رغم استيفاء الشروط الأكاديمية، بسبب اللائحة الغبية (ممنوع العباءة)؟، وكم حقاً إنسانياً تم هضمه بهذا المنع المعيب؟، وكم حرية شخصية انتهكتها إدارة الكلية، أو هكذا يجب أن تكون الأسئلة، بغض النظر عن مشروعية ارتداء العباءة والحجاب والنقاب، فريضة كانت أم مستحبة أو (موضة)..؟؟ :: لا تسقطوا في امتحان الحريات.. نعم، بعيداً عن الجدل الفقهي حول (ليس المرأة)، يجب النظر لهذا المنع من زاوية الحريات، بحيث يكون السؤال بأي حق تصادر الكلية حق الطالبة في ارتداء ما تشاء، عباءة كانت أو( بلوزة)؟.. ليس عدلاً أن تعلو لائحة على دستور وقوانين البلد.. فالبعض يظن أن للكليات الخاصة الحق في صياغة لوائحها كما تشاء بمظان (دي كليتي وأنا حر فيها)، ولكن لا.. فالكليات الخاصة، حين تفتح أبوابها لبنات البلد، يجب أن تمتثل لدستور وقوانين البلد..!! :: ليس هناك ما يمنع كلية ود مدني عن فرض ما تشاء من الرسوم على طلابها، فهذا من حقوقها بقانون الاستثمار.. ولكنها لا تملك سلطة فرض ما تشاء من الأزياء على الطالبات.. والمحزن هو استهتار منسق شؤون الطلاب بالكلية، فبعد كشفه بأن نسبة المنقبات في الكلية (5%)، تساءل بمنتهى الجهل والحماقة: (هن مسلمات أكثر من بقية الطالبات؟).. وعليه، فلتنتبه وزارتي العدل والتعليم العالي لهذا القهر، وذلك بمراجعة لوائح الجامعات والكليات الخاصة، بحيث يصبح الحجاب والنقاب- مثل التبرج – (حرية شخصية)..!!

صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version