تظاهرات نحو البرلمان السوداني تتحدى “التسوية”

تحتضن مدينة أم درمان، الأربعاء 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، تظاهرات دعت إليها لجان المقاومة تحت شعار “الطريق إلى مليونيات ديسمبر” للمطالبة بإسقاط الحكم العسكري في البلاد واسترداد السلطة المدنية كاملة، وستكون وجهتها البرلمان.

وتتواصل هذه التظاهرات، منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، احتجاجاً على الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، وتتمثل في فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإلغاء الشراكة مع المكون المدني، ما تعتبره غالبية القوى السياسية والشعبية في السودان انقلاباً عسكرياً، بينما وصفه الجيش بالحركة التصحيحية.

ويأتي هذا الحراك في ظل أجواء من التفاؤل حول قرب التوصل إلى تسوية بين العسكريين والمدنيين بعد أكثر من عام على الانسداد السياسي الذي سيطر على البلاد، لكن هذه الخطوة تجد الرفض من قبل لجان المقاومة التي تقود هذه الاحتجاجات إذ ترى أنها تؤدي إلى الإفلات من العدالة في حق الضحايا الذين سقطوا قبل الانقلاب وبعده.

ويرتكز الاتفاق الإطاري المرتقب بين المكونين العسكري والمدني على ما اصطلح على تسميته “الدستور الانتقالي”، وهو مشروع دستور جديد للبلاد تقدمت به نقابة المحامين السودانيين في محاولة لحل الأزمة، وينص على فترة انتقالية أقصاها سنتان، وإنشاء حكم مدني فيدرالي، وإبعاد القوى المسلحة عن الحكم، فضلاً عن مراجعة اتفاقية جوبا للسلام الموقعة في أكتوبر 2020.

صوت الثورة

ويشير عضو لجان مقاومة أم درمان عمار الشريف إلى أن اختيار البرلمان وجهة لتظاهرات 30 نوفمبر ينطلق من رمزيته الوطنية، مؤكداً أن اللجان لن تتوقف عن تسيير المواكب السلمية حتى تحقق هدفها بإسقاط الحكم العسكري نهائياً وعودة الجيش إلى ثكناته.

ويقول الشريف إنهم “يسعون حالياً إلى توحيد قوى الثورة المناهضة للانقلاب والاتفاق على ميثاق سلطة الشعب من أجل بناء سلطة حقيقية في البلاد أساسها النقابات المهنية والقوى السياسية المؤمنة بالتغيير الشامل، على أن يتصدر المشهد في حكومة الفترة الانتقالية الشباب والخبراء الأكفاء في التخصصات كلها، وأن يكون البرلمان هو الصوت الحقيقي للثورة”.

ويلفت الشريف إلى أن “لجان المقاومة لا علاقة لها بما يجري من تسوية مع العسكر الذين فشلوا في إدارة الدولة، بل أوصلوا البلاد منذ انقلابهم في 25 أكتوبر 2021 إلى حافة الانهيار اقتصادياً وأمنياً واجتماعاً، لكنهم فلحوا في عمليات القتل الممنهج ضد المتظاهرين السلميين فهدروا دماء 122 متظاهراً، ولم يثن العنف المفرط من قبل الأجهزة الأمنية جموع الشباب عن مواصلة حراكهم السلمي”.

سلطة مدنية

وأعلنت تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم، في بيان، “أننا نواصل في خطانا من دون تلكؤ أو تسكع، نشد الخطى ويزاحم بعضنا بعضاً بالمناكب في مواكب لم ولن تتراجع إلا بسقوط هذا الطاغية، وتأسيس سلطتنا المدنية التي نحلم بها، فنصرنا أكيد وبطلان سلاح هذا الانقلاب وعسسه حتمي، ونحن الآن أقرب ما نكون إلى النصر بعزيمتنا وتصميمنا على إسقاط هذا الانقلاب، ونحتاج فحسب إلى وضع النقاط على الحروف حتى ننهي هذه المهزلة التي طال أمدها”.

وتابع البيان أنه “مع اقتراب الذكرى الرابعة لبدء الثورة يشد وجداننا ومشاعرنا وعقولنا نحو تلك الأيام، فلنراكم أفعال مقاومة تصاعدية مصحوبة بعملنا السياسي المتمثل في إكمال توحيد مواثيقنا، حتى نصل إلى 19 ديسمبر (كانون الأول) الكبير ويكون خاتمة لهذه المهزلة”.

ومضى البيان في القول إن “محاولات العسكر لكسر شوكة المقاومة بالعنف المفرط والممارسات التي انتهكت كرامة الإنسانية التي كان حصادها سقوط 122 شهيداً لن تثنيهم عن المقاومة”.

نقاط التجمع

وحددت تنسيقيات لجان المقاومة نقاط تجمع عدة في أحياء أم درمان قبل انطلاقها في الساعة الواحدة بعد الظهر نحو البرلمان، بينما حدد تجمع لجان أحياء الحاج يوسف ولجان أحياء الخرطوم بحري وتنسيقية شرق النيل نقطة التجمع في جنوب المؤسسة، ثم التوجه غرباً إلى أم درمان عبر جسر شمبات.

وبحسب شهود عيان، فإن السلطات الأمنية السودانية أغلقت عدداً من الجسور التي تربط أم درمان بمدينتي الخرطوم والخرطوم بحري لمنع المتظاهرين من المشاركة في التظاهرات المتجهة إلى البرلمان، فضلاً عن انتشار كثيف للقوات والمركبات العسكرية في المناطق المحيطة بالبرلمان.

7 آلاف مصاب

وكانت منظمة “حاضرين” التي تقدم خدمات الرعاية لمصابي المواكب، أكدت في تقرير لها أن فريقها العامل رصد أكثر من سبعة آلاف مصاب بينهم ما يزيد على 400 طفل. ومن بين الإصابات 955 إصابة بالرصاص و274 حالة بطلق ناري متناثر (خرطوش) و65 بسبب الدهس بواسطة سيارات الانقلاب.

وبحسب التقرير الذي يغطي الفترة من 25 أكتوبر 2021 إلى الرابع من أغسطس (آب) 2022، فإن تسعاً من بين الإصابات أدت لحدوث درجات مختلفة من الشلل، وجرى استئصال العين المصابة لـ12 متظاهراً، إضافة إلى تسجيل 50 حالة عنف جنسي.

إندبندنت عربية

Exit mobile version