– لماذا يشعر محمد حمدان دقلو بكل هذه المشاعر المتناقضة التي تجمع الخوف والتسرع والعدائية والتحولات الكبيرة ..في تقديري هذا سؤال مفتاحي مهم .. هل يشعر الرجل بأنه في مكان ليس مستحقاً له ويفعل كل ذلك للمحافظة على هذا الوضع واستمراره على أقل تقدير؟
– راجعوا مواقف حميدتي منذ ظهوره على مسرح الأحداث في فترة ليست أكثر من عشرة سنوات، هي عمر بروز حميدتي على هذا المشهد البائس ..
– خرج حميدتي في العام 2015 ليرد على الإمام الصادق المهدي الذي هاجم الدعم السريع ووصلت الرسالة للجميع بأن حميدتي هو من سجن الصادق المهدي في ذلك الوقت .. هنا تضخم حميدتي وانتفخ بعد أن سايره الرئيس البشير سامحه الله وفك أسره بحجة أن حميدتي يقاتل في الميدان ولا يجوز الهجوم عليه وعلى قواته ولم يشفع الحوار الوطني المنعقد آنذاك للصادق المهدي ولم يحول بينه وسجن كوبر مما تسبب في مغادرته للحوار.
– حضور ثانِ أكثر غرابة في مسيرة حميدتي خلال استضافته في برنامج حال البلد بسودانية 24، ودون مقدمات قال الرجل قولا عجيبا حينما هاجم مولانا أحمد هارون وقال أن مكانه السجن، المباغتة اربكت الأستاذ الطاهر حسن التوم الذي استوضح حميدتي بكلمة ” بمعنى” وكأن الطاهر يريد للرجل أن يتراجع وإذا به يتمادى ويؤكد أن ما قاله ليست ذلة لسان، ثم يواصل الهجوم على أحمد هارون وكأن حميدتي وقواته ملائكة يحرم مسهم..
– ماذا حدث بعد ذلك جمع الرئيس #البشير حميدتي واحمد هارون ببيت الضيافة وصالحهم هكذا بكل هذه البساطة وانتهى الأمر.. وتم إيقاف برنامج حال البلد عبر جهاز الأمن لفترة، ولم يحاسب أحد حميدتي !! هنا كان التضخم الثاني لحميدتي ..
– كان حميدتي يهاجم الجميع بلا هوادة يصف جبريل ومناوي وعبد الواحد نور ايام التمرد بأقذع الأوصاف والفيديوهات موجودة..
– ما الذي حدث بعد ذلك .. انقلب حميدتي على كل القديم بعد انقلاب أبريل 2019 .. بل هو أكثر من بادر بمهاجمة الرئيس البشير في الأيام الأولى للتغيير، وكأن البشير ليس الشخص الذي كان يفاخر حميدتي به قبل أسبوع من التغيير بأنه يتبع له فقط، وأنهم قوات رئيس الجمهورية!! حقيقة حميدتي ملك التحولات الكبرى ويظن أن الناس يحملون ذاكرة سمكية ليقول لهم كل يوم قولا جديدا، ويجب على الناس تصديقه لأنه صادق وواضح ولا يغدر ولا يخون!!
– قبل إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر تحدث حميدتي في لقاء عزاء قائلا أن (مصارينه اتهردن) وهاجم محمد الفكي عضو مجلس السيادة على قوله بأنه خصم من رصيده السياسي بمشاركة البرهان وحميدتي بقوله (هو انت رصيدك شنو والبعرفك منو ويعني نحن خفراء ووالله تاني ما بنقعد معاكم في تربيزة واحدة) ثم كانت قرارات الخامس والعشرين أكتوبر.
– بعد ذلك بفترة قال حميدتي في حوار تلفزيوني أن قرارات ٢٥ أكتوبر فشلت، وحاول أن يعتكف بدارفور ومكث بالضعين لشهرين متجولا منها في بقية الإقليم، ولكن لقاء غريب جمعه بفولكر بجانب طبعه القلق لم يسعفه لمواصلة الاعتكاف وعاد للخرطوم ليهاجم وعلى الهواء ومن المطار مبادرة الشيخ الطيب ؛ ويسأل عمن هو خلفها ويقول ” نحن تاني ما بننخم” ثم بعدها بأيام يؤيد مسودة تسييرية المحامين قبل الإطلاع عليها!!
-قصص حميدتي مع مسودة دستور تسييرية المحامين كثيرة ولا يسع المجال لذكرها.. ولندلف إلى ما قاله اليوم من هضربة خلال لقاء للإدارات الأهلية بقاعة الصداقة، جاء حميدتي مكفهر الوجه يصارع نفسه في معركة لا تنتهي يظن أنه هو في الموقف السليم دائما .. قال فيما قال أنه مع التسوية السياسية الجارية الآن وشرحها أي التسوية أنها جاءت لتساوي الناس كلها مع بعض ( ااي والله هذا تعريف حميدتي للتسوية) هنا وضح عمق الخلاف بين حميدتي والبرهان .. قال أنه مع المظاهرات وشباب الشارع.. هنا أوضح موقفه وحدد موقعه بجلاء .. بالرغم من أنه كان يطالب الشباب بالبناء بدلا عن التظاهر والهدم .. سبحان الله.. قال أن هنالك مجموعات تُفتح لها الكباري للوصول للقصر وأخرى تُمنع .. ويقصد حميدتي مظاهرات النوبة وأهل منطقة لقاوة ضده وضد قوات الدعم السريع.. وهذه ليست مظاهرات تتم الدعوة لها حتى تغلق الكباري، بل هي وقفة احتجاجية يتجمع الناس لها من مناطق شتى وبعدد محدود ..ثم من الذي يغلق ويفتح الكباري يا السيد نائب رئيس مجلس السيادة!! ولكن حميدتي تعود دائما على دور الضحية والمظلوم..
-ثم قال حميدتي وهدد بأن الزمن لن يعود إلى ما قبل العام 2018 وطالب بأن تكون هنالك مساواة.. ونحن معه في هذه النقطة تماما.. ولكن أين موقع حميدتي من ذلك .. هل في مصلحة حميدتي رجوع التاريخ إلى ما قبل 2018 .. بالمنطق هذا في مصلحته .. وبالطمع ليس في مصلحته.. قبل 2018 كان حميدتي في موقف أكثر راحة، له مظلة تحميه يتمتع بالسلطة والمال والنفوذ وليس عليه أي تكلفة سياسية تذكر .. وبعد إسقاط البشير، صحيح دخل حميدتي القصر وتوسع في النفوذ وصار الرجل الثاني في الدولة، ولكن ما هي التكلفة لهذا الوضع المعوج..
التكلفة كبيرة جدا وهي هذه الهضربة التي يعيشها حميدتي ليحافظ على هذا الوضع الذي لن يتمناه عاقل يفهم دروس التاريخ القريب والبعيد!!
– قال حميدتي أن الوضع لن يعود إلى الوراء، وأن لا بد من العدالة وأن يكون الناس كلهم سواسية.. وهذه النظرية إذا طُبقت فمن باب العدالة ذاتها أن تُسأل أنت عن هذه الرتبة التي تتزيأ بها كفريق أول من أين لك هذا، وهل العدالة تقبل بذلك التمييز الذي لم يسبقك عليه أحد لا من “الجلابة أو الهامش” كما تسمونه .. وتُسأل كذلك عن الاستثمارات والأموال التي تحوزها.. هل مسموح لمسؤول دولة أو عسكري أن يمتلك هذه المزايا في دولة بها عدالة ومساواة!! ثم في اي بلد هذه يمتلك شخص صلاحيات وإدارة قوات يفترض أنها تابعة للدولة له فيها ولأسرته القول الأول والأخير!! هذا لن يحدث إلا في السودان!!
السيد حميدتي دولة العدالة والمساواة والقانون التي تحدثنا عنها أنت لن تحتملها وهي لن تحتملك .. وأنت لن تخيف أحد بكل ما تقول وتفعل .. فعليك الله هدي اللعب شوية..
محمد أبوزيد كروم